مواقف ناصعة على صفحات الجبين

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ها هي عُمان بقيادتها وشعبها وحضارتها وتاريخها الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، وهي تعيش غمرة الاحتفال بذكرى ميلاد نهضتها المباركة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م التي وافقت يوم أمس، تبدأ عامًا جديدًا من أعوام النهضة المباركة مسجِّلةً حدثين بارزين لهما أثرهما الكبير في النفس والقلب، ويعكسان في الوقت ذاته الحقيقة الكبرى التي سطع نورها وقامت عليها النهضة المباركة منذ بزوغ فجرها، وهي بناء الإنسان العماني، واعتباره هدفًا رئيسًا للتنمية، واعتبار مصلحته فوق كل اعتبار.

وهما أيضًا حدثان لا يعكسان إلا الثقة الثابتة والحب الكبير لدى صاحب القلب الكبير الرحيم العطوف بأبنائه والراعي لمسيرتهم والمتعهد بتطويرهم وتنميتهم، حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.

فتفضُّل جلالته بعفوه السامي الكريم عن جميع المتورطين في قضايا التجمهر، ومنع السلطات من ممارسة أعمالها بالقوة، وإقلاق الراحة العامة، وإهانة موظفين عموميين بالكلام، وتعمد تعطيل المرور في الطريق، وإعاقته وإضرام النار في بعض المؤسسات الحكومية وتخريب الممتلكات العامة وصنع وتحضير وتجهيز وحيازة متفجرات، عفو يعبر في جوهره عن الحب الكبير الذي يغمر قلب جلالته ـ أيده الله ـ تجاه أبنائه، وعن عطفه وشفقته بأسر المفرج عنهم، وهو القدر ذاته الذي يعبر عن الطبيعة المتسامحة للإنسان العماني، وبالتالي فإن العقاب لم يكن القصد منه إلحاق الضرر النفسي والتقصد والاستهداف ضد أطراف، وإنما دعت إليه الظروف التي تطلبت آنذاك التدخل للحد من ارتكاب الجريمة وتحقيق الأمن الذي كان مطلبًا من قبل المواطنين. فالمرء قد يُقْدم على عمل منافٍ للقانون والأخلاق بسبب تضليل أو تغرير أو بفعل وسوسة شيطانية، فيأتي القانون ليحافظ على نفس المخطئ وتقويمها وإصلاحها، وتبصيره بحقائق الأمور، وعدم تركه صيدًا سهلًا للوساوس الشيطانية والنفسية ولأهوائه. وما يبرهن على ذلك أن هؤلاء المفرج عنهم، قضت أوامر العفو السامي بعودة كل من كان يشغل وظيفة إليها، سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخاص.

ما من شك أن هذا العفو قد أعاد البسمة إلى شفاه أسر المفرج عنهم، وأدخل السرور والبهجة في بيوتها وهي تتنسم النفحات الإيمانية لشهر رمضان المبارك، وتستعد لاستقبال عيد الفطر السعيد، حيث تتكامل هذه المناسبات الثلاث لدى هذه الأسر.

وعلى نفس النسق وفي إطار نهج الاهتمام بالانسان العماني في مختلف مواقعه ونشاطه البدني والذهني عامة وفي سياق الاهتمام السامي بالرياضة والرياضيين يأتي تفضل جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بإسداء توجيهاته السامية بتقديم دعم مالي قدره مليون ريال عماني لكل نادٍ من أندية السلطنة التابعة لوزارة الشؤون الرياضية يخصص لمشاريع البنية الأساسية والمعدات والاحتياجات اللازمة للأنشطة الرياضية في هذه الأندية، فهو حدث ـ لا شك ـ له مفاعيله وآثاره النفسية والقلبية لدى أبناء جلالته الشباب، ذلك أن هذا الدعم السخي للمسيرة الرياضية في السلطنة ومن داعمها الأول جلالة السلطان المعظم يمثل دفعة قوية للأندية في إرساء بنية رياضية صلبة، وتطوير كوادرها والاهتمام بهم وصقل مهاراتهم، بحيث تكون هذه الأندية قادرة على رفد الحركة والمسيرة الرياضية في السلطنة، وقادرة على إثراء مختلف الألعاب بالمواهب الشابة والمشاركة في المحافل الدولية الرياضية، حاملة علم السلطنة ووضع اسمها في قوائم الأبطال في المسابقات العالمية. ولا ريب أن هذا الدعم الكريم من لدن جلالته لا ينفك عن الاهتمام المتواصل والكبير الذي يوليه من رعاية كريمة للنهوض بقطاعي الرياضة والشباب بما يلبي الطموحات ويحقق المزيد من الإنجازات.

إننا أمام هذه العطايا والنفحات الأبوية، وحنايا القلب السابلة رحماتها، والمواقف الناصعة على صفحات الجبين، لا نملك إلا أن نقول سلمت يداك يا جلالة السلطان، وسلمت رؤيتك وأمدك الله بفيض آلائه وكساك أثواب العزة والسؤدد حتى تمضي بنا من حاضر إلى حاضر، ومن غد إلى غد، وترتقي بنا من صرح إلى صرح في سلم الحضارة الممتد.

Email