العراق وأوضاعه المقلقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أن ينجح مئات من السجناء في الهروب بعد هجومين على سجنين قرب بغداد في منتصف الليل، وأن تؤدي مشادة كلامية وقعت بين رئيس مجلس النواب العراقي ونائب عن ائتلاف دولة القانون، مما أدى إلى طرد الأخير من الجلسة، وانسحاب نواب آخرين من الجلسة احتجاجا على ذلك، وأن تستقبل المقابر العراقية كل يوم عشرات جثث ضحايا تفجيرات الموت المجاني، التي تدمر الحياة بفوضوية، وتزهق أرواحا بريئة بلا مسؤولية، فإن كل ذلك يعني أن الأحوال في العراق إلى مزيد من الانزلاق نحو الفوضى التي تشيع خرابا ودمارا في هذا البلد.

ومن بواعث الاستغراب الشديد أن العراق من أهم دول العالم التي تمتلك كل مقومات الانطلاق الحضاري إلى مصاف الأغنياء والمستقرين. فالعراق يتمتع بحضارات قديمة تجعله يفخر بأن أرضه وحواضره كانت موئلا للعلوم والفلسفات والأفكار التي تأسست عليها كبرى حضارات اليوم. كما أن العراق يرقد على العديد من الثروات التي إن تم الاستثمار فيها بحذق ونجابة وطموح، لكان العراق اليوم كتفا بكتف الأثرياء. وفضلا عن ذلك، فإن العراق يمتلك أيضا ثروة بشرية، أهم ما يميزها احتواؤها على عدد هائل من العلماء والباحثين، الذين صارت تعتمد عليهم العديد من جامعات وأكاديميات العالم، فضلا عن أن تنوع هذه الثروة البشرية يمكن أن يكون عامل قوة في طموح العراق إلى التقدم والنمو والثراء، غير أن اللاستقرار السياسي والصراع الأجوف على السلطة يحولان هذا التنوع البشري إلى عامل تشطير طائفي وإثني يضعف الدولة، ويفتت أبنيتها، ويرهق اقتصادها، ويحصر الرؤية إلى غد أفضل في منسوب هزيل مترع بمشاكل فقراء دول العالم الثالث، بما لا يتناسب مع ما للعراق من إمكانات وطاقات هائلة. إن الخروج من المنزلق الحالي في العراق لن يتحقق إلا باستقرار سياسي صلب ينبذ عوامل التشطير والانقسام لصالح المواطنة التي لا تعرف طائفية ولا إثنية.
 
 

Email