السياسة الخارجية العمانية مفخرة لكل عماني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا نبالغ إذا قلنا إن السياسة الخارجية للسلطنة تعد مفخرة لكل عماني أينما حل وارتحل، ومنبع الفخر من أنها ظلت على الدوام مثالًا حيًّا في نسج علاقات الصداقة الطيبة والأخوة الصادقة، وحرصت على إيلاء هذه العلاقات الاحترام الذي توجبه العلاقة نفسها، وعدم إدخالها في أتون الشأن الداخلي للدول ومتغيراته وأحداثه، فذلك شأن داخلي يخص شعوب الدول الشقيقة والصديقة ولا يخص العلاقة القائمة لا من قريب ولا من بعيد، فأي حركة تغيير داخلي في كل دولة ما تتمتع بعلاقة أخوة أو صداقة مع دول أخرى، تعد هذه الحركة محكًّا حقيقيًّا لهذه العلاقة، وبالتالي تقييمها سلبًا أو إيجابًا.

والفضل في نجاح سياسة السلطنة خارجيًّا وداخليًّا أيضًا يعود ـ بعد الله طبعًا ـ إلى المرتكزات الحقيقية والصائبة التي أرساها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ اليوم الأول لبزوغ فجر النهضة المباركة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م، والذي أكد رغبته الصادقة في أن يرى علم السلطنة يرفرف في كل دولة من دول العالم، وهذه الرغبة عند النظر إليها فإنها تعبر عن مضامين أخلاقية وإنسانية سامية، ولا ريب أن كل مواطن ومقيم وزائر يلمس حقيقة نجاح هذه الإرادة الخيرة والرغبة الصادقة في طبيعة التسامح وعلاقات المودة والإخاء، سواء داخل السلطنة أو خارجها. فقد اتجهت نظرة عُمان قيادةً وشعبًا إلى شعوب العالم على أنها شقيقة أو صديقة، فالشقيق له حقوق يجب أن نحافظ عليها ونحترمها، والصديق أيضًا له حقوقه يجب أن نحافظ عليها ونحترمها، بقدر ما هو يحافظ على حقوقنا ويحترمها.
ولم يفتأ مؤسس نهضة عُمان الحديثة جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ يشدد على مرتكزات السياسة الخارجية للسلطنة من احترام للعلاقات وتبادل للمصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤون الغير، وحل القضايا بالحوار وبالحكمة، والمساهمة في إرساء دعائم السلم والأمن الدوليين.

وتأتي اليوم الأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة والحراكات الداخلية في بعض الدول العربية لتعطي شهادة التقدير والامتياز لنجاح هذه السياسة في احترام رغبات الشعوب وعدم تدخلها في القضايا الخاصة لهذه الشعوب، وعدم التدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول، ولعل العلاقة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة الكبرى في ظل الأحداث الداخلية التي تشهدها ورفض السلطنة التدخل فيها واحترام رغبة الشعب المصري، تعتبر أحد الأمثلة الناصعة على وضوح السياسة العمانية والممارسة الفعلية لمعنى العلاقات الدبلوماسية بمختلف صورها، وهذا ما أكده أيضًا اللقاء الذي جمع معالي الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية مع سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي سفير السلطنة المعتمد لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية.

إن مشاركة السلطنة شقيقاتها وصديقاتها وجاراتها همومها والوقوف إلى جانبها ودعمها وتبادل المصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، سيظل منهجًا أصيلًا يميز السلطنة في عالم متقلب الظروف ومتغير الأقطاب.

Email