بعد سادس جولة لكيري .. أفلحت أميركا إن صدقت

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد جولة مكوكية سادسة في المنطقة، ها هو جون كيري يخرج على حلفائه العرب وأصدقائه منهم منتشيًا بأنه حانت لحظة الحقيقة التي ظل طوال جولاته المكوكية الست يعمل من أجلها، وهي استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني، حيث بدأت الفجوة بين الجانبين تضيق وتقترب من نهايتها، وعما قريب سيشاهد الجميع طاولة المفاوضات وقد وقفت على أرجلها ممتدة للطرفين، وما على الوسائل الإعلامية المختلفة إلا أن تستعد لنقل هذا الاختراق الأميركي التاريخي.

هذه البشرى وحالة الانتشاء لكيري، كانت جهات صهيونية وأميركية قد روجت لها قبل بدئه الجولة السادسة التي ستكون الجولة الحاسمة، وضربة المعلم ـ كما يقال ـ إذ يتوقع مسؤولون فلسطينيون أن كيري سيعلن استئناف المفاوضات قبيل مغادرته المنطقة غدًا الجمعة. غير أنه ورغم ذلك لا يزال الغموض هو سيد الموقف، فهناك كثير من الجوانب محجوبة عن الرأي العام الفلسطيني خاصة والرأي العام العربي عامة، ولا أحد يدري ما دار ويدور في كواليس المباحثات بين كيري والمسؤولين الفلسطينيين والصهاينة، وماذا تحمل مبادرة كيري من مواقف ورؤى؟

وما إذا كانت تخدم العملية السلمية وتصب في صالح تحقيق حل الدولتين أم تنحاز مثلما جرت العادة إلى الحليف الصهيوني؟

 إن ما يجعلنا نشعر بتوجس وتشكك تجاه تحركات كيري بالإضافة إلى ما سلف، هو أن تاريخ الوسيط الأميركي منذ الرئيس الأميركي جورج بوش الأب وحتى الرئيس الحالي باراك أوباما لم يسجل موقفًا مشرفًا تجاه القضية الفلسطينية أو ما يعرف بالصراع العربي ـ الصهيوني، وإنما كانت المواقف الأميركية كالبطة العرجاء، وكانت كلها مبنية على مزاعم وشروط المحتل الصهيوني، ما جعل الولايات المتحدة، التي نصبت نفسها راعية لعملية السلام، مجرد ناقل لتلك الشروط والمزاعم والإملاءات، في حين أن المحكات الحقيقية التي تؤكد صدق توجه الإدارات الأميركية المتعاقبة لحل الصراع العربي ـ الصهيوني كثيرة، فعلى سبيل المثال لم تعلن الولايات المتحدة يومًا موقفًا أو رأيًا مستقلًّا حول قضايا الحل النهائي مثل قضية القدس، وقضية عودة اللاجئين الفلسطينيين، وحدود 1967م، وإنما تنفض يديها من المسؤولية بالتذرع بأن "حل هذه القضايا متروك للجانبين الفلسطيني والصهيوني عبر التفاوض الثنائي"، كما لم تبدِ موقفًا حازمًا من قضية الاستيطان الذي أوشك على التهام الأرض الفلسطينية بكاملها، في حين أخذت تشغل الرافضين لهذه السياسة الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية من الفلسطينيين والعرب تارة بالمطالبة الكاذبة أو غير الجادة بـ"وقف" الاستيطان، وتارة أخرى بـ"تجميد" الاستيطان، وبين هذا وذاك، تشق آلة الاستيطان طريقها لابتلاع الأرض الفلسطينية، ولا يزال الموقف الأميركي من الاستيطان غير واضح وغير صادق.

الخشية أن يكون جون كيري قد استخدم العصا والجزرة ضد الجانب الفلسطيني فقط، ليتراجع عن شروطه لاستئناف المفاوضات، بترغيبهم بتفضيلات ووعود سياسية واقتصادية وتحسين البنية الاقتصادية سيرًا على رؤية بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال القائلة بـ"السلام الاقتصادي"، وبترهيبهم بقطع المساعدات عن السلطة وربما إجراءات أخرى تطول قيادات ومسؤولين فلسطينيين، في حين على الجانب المقابل يزهو الصهاينة وينتشون فخرًا بانتصارهم وسير الأمور وفق شروطهم وإملاءاتهم، لا شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات، الاعتراف بما يسمى "يهودية" كيان الاحتلال الصهيوني، مقابل الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة أي دولة يعيشون فيها مقطعة الأوصال ومنزوعة السيادة.
 

Email