سياسة الأرض المحروقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواصل قوات النظام السوري ما يمكن وصفه بسياسية الأرض المحروقة في هجومها على حي القابون الدمشقي حيث تدور اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية التي تحاصر مئات العائلات في الحي وتقوم بقصفه، ما أدى إلى مقتل 13 شخصاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الحصار الخانق الذي يتعرض له الحي وانتشار قناصة القوات النظامية عند أطرافه وفي بعض مناطقه يجعل عملية النزوح لمئات السكان وغالبيتهم من الأطفال والنساء الذين يعانون من نقص كبير في المواد الغذائية والطبية عملية شبه مستحيلة.

الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من جهته اتهم في بيان أصدره قوات النظام السوري باحتجاز 200 شخص في المسجد، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط عليه للإفراج عنهم.

حصار حي القابون واستمرار قصفه يأتي في الوقت الذي تستمر فيه قوات النظام في حصار مدينة حمص حيث تحتجز مئات الأسر منذ نحو ثلاثة أسابيع في أحياء المدينة التي تعاني من نقص فادح في الأغذية والمواد الطبية وهو ما دفع هيئات دولية عديدة إلى المطالبة بهدنة من القتال وممر آمن من أجل إيصال المساعدات الإغاثية للمحتاجين وإخلاء الجرحى الذين يتهددهم خطر الموت في ظل النقص الكبير بالمواد الطبية.

آخر دعوات الهدنة التي يستمر النظام في تجاهلها جاءت من الرئيس منصف المرزوقي الذي دعا الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني إلى الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للقبول بهدنة في مدينة حمص خلال شهر رمضان الكريم من أجل إنهاء الوضع المأساوي وحقن دماء الأطفال والأبرياء وتوفير ممر آمن يمكن المدنيين من مغادرة حمص وتأمين إخلاء الجرحى وإيصال المساعدات الإنسانية.

إن استمرار تجاهل النظام لدعوات الهدنة وتوفير الممر الآمن للحفاظ على حياة المدنيين يؤكد مواصلة النظام خياره "الحسم العسكري" الذي أدى إلى مقتل أكثر من مئة ألف مواطن وتدمير المدن والبلدات السورية وتهجير ملايين السوريين داخل سوريا وإلى دول الجوار.

لقد فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا وتراجع الحديث عن عقد مؤتمر جنيف 2 الذي كان مقرراً عقده في شهر يونيو الماضي وتأجل إلى ما بعد شهر أغسطس المقبل وسط شكوك حقيقية في إمكانية انعقاده لكن هذا الفشل لا يبرر عجز المجتمع الدولي عن توفير الحماية للشعب السوري والضغط على النظام من أجل إعلان "هدنة" توقف سيل الدم المتواصل في سوريا.
 

Email