مخاطر تهدد الأمن والسلم والحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ما من شك أن منطقتنا في ظل تردي الأوضاع وحالة الفوضى التي تسيطر على مفاصلها، وفي ظل تربص القوى الامبريالية الاستعمارية الغربية الداعمة للاحتلال الصهيوني ومده بأعتى وأفتك الأسلحة بما فيها الأسلحة النووية بدولها، قد دخلت في دائرة الخطر بشكل جدي وحقيقي، فإذا كان الخوف يتملك اليوم شعوب المنطقة ويقض مضاجعها من تحول هذه القوى الامبريالية الاستعمارية ـ وفي إطار تعزيز أمن خنجرها المسموم (كيان الاحتلال الصهيوني) الذي غرزته في جسد الوطن العربي ـ، إلى دعم الإرهاب وقواه وأدواته بالمال والسلاح وتدريبها على استخدام الأسلحة الفتاكة بما فيها الأسلحة الكيماوية، فإن هذا الخوف يتعاظم وتتسع مساحته بإضافة الخطر النووي المتمثل في الترسانة الضخمة من هذا السلاح المدمر بحوزة كيان الاحتلال الصهيوني الذي لن يتورع عن استخدامه ضد شعوب المنطقة لفرض هيمنته على المنطقة، بل إنه لمح في أكثر من معرض إلى إمكانية استخدامه، فضلًا عن ما يمكن أن يتسبب بكارثة حقيقية إمكانية التسرب تحت أي ظرف كان من مفاعلاته النووية، وتهديد الحياة بأكملها بالإشعاعات النووية.

وللأسف ورغم هذه المخاطر الماثلة للعيان، فإن ثمة من يشجع هذا الكيان المسخ على المروق من دائرة الشرعية الدولية، ويجعله فوق القانون، ولا يزال يمتنع ـ مؤيدًا بمواقف القوى الامبريالية ونفاقها له ـ عن الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي.

إن هذه المخاطر التي تهدد الأمن والسلم الدوليين والحياة بأكملها واستشعار تهديداتها لم تغفل عنها سياسة السلطنة، بل شكلت همًّا مشتركًا مع القوى الدولية المحبة للتنمية والأمن والسلام واستقرار العالم، ومع المنظمات الدولية المعنية بحظر الانتشار النووي وضرورة التعاون معها ورفد جهودها بما تمثله السلطنة من ثقل ووزن في السياسة الدولية، وفي سياق هذه الجهود أكدت السلطنة وجود حاجة ملحة لمناقشة القضايا الحساسة المتعلقة بالأمن النووي في مؤتمرات تعقد على مستوى وزاري وبصفة دورية لا تزيد عن أربع سنوات، تشارك فيها كل الدول، ويمكن أن تقام على انفراد أو بالتزامن مع مؤتمرات فنية وعلمية أخرى خاصة بالأمن النووي.

وفي كلمة لها أمام المؤتمر الدولي المعني بالأمن النووي "تعزيز الجهود العالمية"، والمنعقد خلال الفترة من الـ1 ـ 5 من يوليو 2013م بمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، ألقاها سفير السلطنة لدى جمهورية النمسا ومندوبها الدائم لدى الوكالة، أكدت استعدادها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للخروج بنتائج إيجابية لهذه القمة والقادمة منها، مشددة على المسؤولية الوطنية والسيادية والأخلاقية الواجبة لإرساء نظام أمني نووي عالمي، وأهمية أن ينطلق هذا الأمر من قناعات راسخة لدى كل دولة بضرورة التعاون الوثيق والمستمر، وإبداء مستوى عالٍ من المسؤولية لإقامة مظلة أمان لجميع سكان الكوكب.

وفي سبيل تشجيع الآخرين نحو إدراك أهمية الأمن النووي، حرصت أن تكون السلطنة القدوة الحسنة بانضمامها عام 2006 إلى اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية ودراسة التعديل المدخل عليها ليشمل الحماية للمواد النووية عند استخدامها وتخزينها، والحماية المادية للمرافق المتضمنة لها، رغم أن السلطنة لا تمتلك أي مواد نووية.

إن العالم عامة, ومنطقتنا خاصة، بحاجة ماسة إلى الشفافية والمصداقية وتخلي القوى الامبريالية عن نفاقها وعن إصرارها على دعم كيان الاحتلال الصهيوني، والتحلي بروح المسؤولية بالامتناع عن دعم الإرهاب وأدواته التي من بينها الاحتلال الصهيوني، والضغط على كيان الاحتلال للتوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي وإخضاع منشآته النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين، واستشعار أن خطر المخزونات النووية لدى الاحتلال الصهيوني وما قد يرافقها من إشعاعات ضارة، واحتمالات وقوع حوادث نووية، لن يتوقف عند حدود الدولة التي يقع فيها الحادث، وثمة تجارب سابقة أثبتت مدى خطورة السكوت حتى يقع الحادث بالفعل.

إن السلطنة بمواقفها العقلانية والحكيمة ستظل قدوة حسنة، وتمثل الضمير الإنساني الحي المحب للحياة والخير والتنمية والرخاء للعالم أجمع.

Email