تدفق اللاجئين يعرض أمن الأردن للخطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس سرا، ان ملف اللاجئين السوريين اصبح مقلقا وموجعا للاردن في ظل تدفق الاف اللاجئين يوميا، حتى تجاوز الرقم الرسمي نصف مليون لاجئ.

وليس سرا ان كلفة هؤلاء الاشقاء ترهق الاقتصاد الاردني المرهق اصلا، حيث تعاني موازنة الدولة من عجز كبير، اضطرت معه الحكومة الى رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

لقد بات تدفق الاشقاء وباعداد كبيرة يوميا يقلق الاردن، في ظل التوقعات التي تشير الى امكانية ان يتجاوز العدد المليون لاجئ حتى نهاية هذا العام. وفي ظل استمرار القتال بين الاطراف المتصارعة قدرت كلفتهم بثلاثة مليارات دولار الى جانب تداعيات هذه المشكلة وتأثيراتها الخطيرة على الامن والاستقرار وعلى النسيج الاجتماعي.

ان من يتابع الجهود الكبيرة والشاقة التي تبذلها الاجهزة المعنية وخاصة القوات المسلحة واذرعتها المختلفة والقوى الامنية لانقاذ الاشقاء، وتوفير متطلبات الحياة الضرورية لهم للتخفيف من معاناتهم يشعر بخطورة هذه القضية، وخطورة استمرارها في ظل عدم جدية المجتمع الدولي وخاصة مجلس الامن في وقف سفك الدماء، وانقاذ الشعب الشقيق من المأساة التي حلت به وها هي اثارها البائسة تمتد الى دول الجوار، وتشهد عليها ملايين اللاجئين في الداخل وفي دول الجوار.

وفي ذات السياق فلم يعد معقولا ولا مقبولا تخاذل المجتمع الدولي، ومنظماته المتخصصة في تقديم المعونات المادية للدول المضيفة وخاصة للاردن الذي يتحمل العبء الاكبر، والاكتفاء بالبيانات الصحفية، والتي لم تعد تقنع احدا، لانها لم تترجم الاقوال الى افعال تدعم دول الجوار وتسهم في توفير المستلزمات الضرورية لمساعدة اللاجئين على التكيف والتغلب على المعاناة اللامعقولة التي تطحنهم صباح مساء.

ان التعاطف مع الشعب السوري الشقيق امر مهم وضروري، وقد تحولت الشام الى بلاد محروقة، والمدن السورية الى مدن مهجورة تسكنها الاشباح، وتفوح منها رائحة الموت والدمار، وبعد ان كانت تعبق بالياسمين الشامي.. ولكن هذا التعاطف وكل الزيارات المتوالية التي يقوم بها كبار المسؤولين الى مخيمات اللجوء تصبح بلا معنى اذا لم ترافقها وتتزامن معها حملة مساعدات متواصلة لا تنقطع على مدار الساعة ما دامت امواج الهجرة مستمرة ولا تنقطع يوميا، تفر من الموت طلبا للحياة.

مجمل القول: لقد فاقت اعداد اللاجئين السوريين طاقة الاردن على الاحتمال، وطاقته على توفير المستلزمات الضرورية للتخفيف من معاناتهم، واصبح استمرار الهجرة وقد تجاوز رقم اللاجئين نصف المليون لاجئ، يؤرق الاردن رسميا وشعبيا بسبب تداعياتها الخطيرة على الامن الاجتماعي والاستقرار، وفي ظل استمرار هذه الهجرة ما دام الصراع قد وصل الى مرحلة كسر العظم واللاعودة، ما يفرض على المجتمع الدولي والمنظمات المعنية ومجلس الامن ان يقوموا جميعا بواجبهم في وقف سفك الدماء، وفي تقديم مساعدات مادية عاجلة للاردن وللدول المضيفة لتستطيع ان تنهض بواجباتها بعد ان ثبت ان لغة التعاطف والتضامن مع الدول المضيفة لا تضيف شيئا، بل فقدت معناها بعد ان تراجعت هذه الدول وتلك المنظمات عن وعودها، وتقاعست عن واجباتها الانسانية.
 
 

Email