أين هو دور العرب الحقيقي في سوريا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما تتصارع الدول الكبرى على سوريا الشقيقة، لا نجد دورا عربيا حقيقيا لانقاذ القطر الشقيق، وحمايته من التدخلات الاجنبية، ووضع حد لتصارع الدول الكبرى التي وجدت في الشام، مساحة للحرب الباردة التي هبت رياحها من جديد.

ان غياب هذا الدور الفاعل هو السبب الرئيس في اطالة امد الحرب، وفي فتح الباب على مصراعيه لتدخل هذه الدول الطامعة، التي وجدت في الحرب الاهلية فرصة للتدخل، وفرصة لاقتسام الكعكة السورية الشهية والعودة الى المنطقة من جديد.

وبشيء من التفصيل؛ فان المأساة التي تطحن الشعب الشقيق مرشحة للاستمرار وقتا طويلا، طالما ان الدول الكبرى المتصارعة لم تصل بعد الى اتفاق حول حل الازمة حلا سلميا يضمن مصالحها، وحينما تصل الى اتفاق؛ فانها ستعمد وبكل الوسائل الى اطفاء لهيب الحرب القذرة ووقف سفك الداء واجبار الفريقين المتصارعين على القبول بهذا الاتفاق.

وفي ذات السياق؛ فلا بد من الاشارة الى الرؤية الاردنية لحل الازمة، وهي رؤية متقدمة سبقت طروحات كثيرة، وتقوم على الحل السلمي كسبيل وحيد لايقاف حمام الدم، وسيل الهجرات المتدفقة والتي تجاوزت ارقامها المليون الى دول الجوار، وانهاء معاناة الاشقاء، والحفاظ على وحدة القطر الشقيق ارضا وشعبا، بعد ان فشلت الحلول العسكرية واثبت الطرفان عجزهما عن تحقيق النصر الحاسم، مما فتح الباب امام التدخلات الاجنبية، ودخول المتطرفين وانصار القاعدة، الى القطر الشقيق، مما ادى الى خوف الاقليات من تداعيات هذه الحرب، وانتشار الفوضى بعد سقوط النظام وانتقالها الى دول الجوار كما حدث في العراق الشقيق، وهذا ما حذر منه جلالة الملك عبدالله الثاني، اكثر من مرة، مشيرا وبكل وضوح بان السبب في عدم انضمام الدروز والمسيحيين الى المعارضة هو الخوف من المستقبل، وسيطرة العناصر المتطرفة على الحكم، وحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي من المتوقع ان تسيطر على القطر الشقيق وتصيب بعدواها اقطار الجوار.

ان المتابع للازمة السورية، واهتمامات العالم كله بهذه الازمة، وتداعياتها، والتطورات الاخيرة، إنْ كانت على ساحة المعركة او بين الدول المتصارعة، يجد ان الجميع باتوا متفقين على استحالة الحل العسكري، وان لا بديل للخروج من هذا المستنقع، إلا اللجوء الى الحل السياسي كسبيل وحيد لحماية الشعب السوري من الموت، والدمار الذي اصاب كافة المدن السورية، وحولها الى اطلال يسكنها الخوف والدمار والاشباح.

مجمل القول: مؤسف الى حد الفاجعة غياب الدور العربي الفاعل لانقاذ سوريا الشقيقة، ومؤسف ان نرى تصارع الدول الكبرى على القطر الشقيق لتحقيق مصالحها واقتسام الكعكة السورية، والعودة الى المنطقة من جديد مما يفرض على الدول الشقيقة اجتراح موقف عربي فاعل يقطع الطريق على القوى الطامعة ويقوم على الحل السياسي، وعلى ان يبدأ بوقف سفك الدماء، وتشكيل حكومة تحظى بموافقة كافة الاطراف، تقود المرحلة الانتقالية، وتشرف على انتخابات نيابية ورئاسية، تؤدي الى طي صفحة الماضي، واقامة سوريا الحديثة.
 

Email