بلعين عنوان لقضية شعب يأبى الركوع

ت + ت - الحجم الطبيعي


في الشأن الفلسطيني المأساوي لم تعد هناك حاجة إلى إعمال الجهد لإثبات الجرائم الصهيونية التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيوني وقطعان عسكرييه ومستوطنيه ضد الشعب الفلسطيني، وإنما أضحت كل أشكال الجرائم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، حيث كل يوم يسجل تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني جريمة صهيونية جديدة بحق الشعب الفلسطيني، ولم يعد هناك وسع لقبول أي تشكيك في نيات كيان الاحتلال الصهيوني العدوانية المبيتة ضد الفلسطينيين.

فكل جزء من أرض فلسطين المحتلة (من القدس المحتلة إلى جنين ونابلس وبيت لحم وطولكرم والخليل وبيت حانون وخان يونس وبلعين) يضج بالجرائم الصهيونية التي لا تستهدف إلا شعبًا واحدًا وهو الشعب الفلسطيني، والتي لا تهدف إلى شيء سوى هدف واحد وهو إبادة الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه وصولًا إلى الأحلام التلمودية وهي إقامة "كيان احتلالي يهودي"؛ كيان عنصري بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يدلل عليه جدران الفصل العنصرية التي تمتد كالغول في الأراضي الفلسطينية ملتهمة إياها، ومسيطرة على ما تختزنه من ثروات طبيعية منها المياه.

وكذلك اكتظاظ سجون الاحتلال الصهيوني بالأسرى الفلسطينيين الذين يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات وجرائم حرب، راح ويروح ضحيتها أولئك الأسرى الذين يمثلون رمزًا وشاهدًا على سياسة النفاق لدى بعض قوى المجتمع الدولي التي تتشدق كذبًا وزورًا بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، بينما هي تنتهكها انتهاكًا صارخًا في بقاع كثيرة من العالم، وتعين القوى الاستعمارية الغاشمة التي يأتي في مقدمتها كيان الاحتلال الصهيوني ليكون فوق القانون دون حسيب ولا رقيب، فتُسحق من أجله كل إرادات التحرر، وتُقمع كل رغبات التحول الديمقراطي، وتُنتهك القوانين والأعراف الشرعية والدولية من أجل هذا الكيان الاحتلالي المسخ.

في حين تباد شعوب وتدمر دول وتنهب ثروات باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فيا لها من مفارقات عجيبة، حتى مجرد التعبير عن الرأي والمطالبة بالحق المشروع تحول إلى إرهاب في عرف شرعة كيان الاحتلال الصهيوني وداعميه وحلفائه، ومن ورائهم سارت المنظمات الدولية والحقوقية على درب النفاق، فأخذت تردد خلفهم بأن المقاومة إرهاب، خاصة حين يتعلق الأمر بالاحتلال الصهيوني، وأن مقاومة الاستعمار ومؤامرات التدمير والتفكيك والإبادة هي ديكتاتورية وظلم وقمع وفساد وغيرها من التوصيفات التي تكثر حين يتعلق الأمر بدولنا العربية والإسلامية.


لقد واصلت قرية بلعين أمس إرسال رسائلها المعبرة عن مظاهر الظلم والقهر والقمع والعنصرية التي يمارسها كيان الاحتلال الصهيوني بحق أصحاب الأرض الفلسطينيين، في الذكرى الثامنة لبدء الحركة الاحتجاجية ضد الجدار العنصري الذي يقيمه الاحتلال على أطراف القرية، لعل هذه المظاهرات يُكتب لها النجاح في نقل جزء من مشاهد الظلم والمعاناة والمآسي وجرائم الحرب الصهيونية إلى العالم، ولوضعه أمام مسؤولياته الأخلاقية إن كان يضع اهتمامًا واحترامًا لحقوق الشعوب لا سيما الشعوب المحتلة والمقهورة والمعذبة في الأرض.

كما حاولت مدن الضفة الغربية وقراها نقل رسالة أخرى بالإضافة إلى رسالة الجدار العنصري، ألا وهي رسالة الأسرى المنتهكة حقوقهم داخل سجون الاحتلال الصهيوني فهي رسالة إنسانية بحق، ولكن على الرغم من هذه الرسائل الإنسانية كان إرهابيو كيان الاحتلال الصهيوني بالمرصاد لمنع أي صوت ينطق بالحق ويرفض الظلم والاحتلال، وبالتالي وفي ظل سياسة النفاق الممالئة المنحازة لهذا الكيان الاحتلالي المسخ يواصل ممارسة أساليبه الإرهابية العنصرية لقمع وإخراس الأصوات الناقلة والمعبرة عن تلك الرسائل الإنسانية.

فلم تجد بلعين من يلبي ندائها المطالب بالانتصار لقضيتها التي هي عنوان لقضية شعب يتحدى كل عوامل القهر والخذلان التي بعمل الاحتلال الصهيوني، وحلفائها وداعميه على توفيرها أملا في إركاع هذا الشعب وإجباره على التراجع عن هدفه الوطني والانساني المشروع، لكن الشعب الفلسطيني رغم الضريبة التي يحاول أعدائه ومدعي صداقته وأخوته تدفيعه اياها، يأبى الركوع والخنوع ومصمم على المضي قدما على درب ناله المعمد بدماء شهدائه وشهداء أمته العربية المجيدة.

 

Email