مسؤولون وكفى!

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لم أقتل شخصاً مطلقاً، هذا صحيح ولكن بسبب عدم توفر الشجاعة والوقت، وليس بسبب عدم توافر الرغبة»، يرى البعض أن هذه المقولة، التي تعود لادواردو غاليانو أحد أشهر كتاب الأدب في أمريكا اللاتينية، تحمل جرأة الاعتراف وخطورته، بينما يتفق آخرون على أن الرغبة في القتل قد راودت كثيرين ولو مرة واحدة في العمر لأسباب مختلفة، وإن كان من بين هؤلاء الكثيرين قلة من تأتت لهم الشجاعة لتنفيذها!

في الحقيقة هناك كثير من الرغبات الشريرة، التي تعتمل داخل النفس البشرية المجبولة على الشر كما على الخير، وأن الجرائم البشعة والصادمة التي نسمع بها، وخاصة تلك التي تمتاز بقدر غير متوقع من البشاعة، تؤكد على أن الشر متغلغل في النفس البشرية، وبطريقة مخيفة، وأن التربية فقط وصرامة القوانين وآليات الضبط الاجتماعي كالدين والتعليم هي أمور لازمة، ولا غنى عنها بأي حال من الأحوال، حيث لم تستفد المجتمعات يوماً، وفي أية حقبة زمنية من حالة التسيب والانفلات والحريات غير المنضبطة، كما أن رفع يد الوالدين والعائلة والمعلمين عن أمور التربية لم يؤدِ إلا للمزيد من التهاوي والانهيارات!

إنه من غير المستحب اللجوء إلى الإكراه والعنف والضغط المبالغ فيه لدفع المراهقين لسلوك طريق لا يرغبون فيه، لكن مما لا يعقل القبول بهذه الدعوات التي تنادي بتركهم يختارون ما يشاؤون دون وصاية! لقد تعالت الدعوة، لذلك منذ عدة سنوات مع تزايد الحديث عن الحريات الجنسية والمطالبة بجعل المثلية وتغيير الجنس خياراً متاحاً للمراهقين فماذا كانت النتيجة!

لماذا على مجتمعاتنا أن تؤمن بهكذا دعوات؟ فحتى من منطلق نفعي، مادي وبراغماتي لا تستفيد مجتمعاتنا من هذه الدعوات المشبوهة والفلسفات المدمرة، وبالتحديد ما يتعلق بتحييد دور الوالدين في التوجيه والتربية، لأن الأمر يتعدى الخيارات الجنسية والمظهرية إلى ما هو أكثر وأخطر، فحين ينعدم حضور الأب والأم كمربين وموجهين وضابطين لقواعد السلوك والأفكار والقيم والاختيارات، كيف لنا أن نضمن أجيالاً قادرة على الاندماج والعيش في مجتمعاتها وبشكل آمن؟ نحتاج أن نتذكر دائماً أننا مسؤولون وكفى!

Email