كيف ننظر للحياة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينصح والد ابنته وهي تهم بالخروج تلبية لدعوة على العشاء صحبة صديقاتها: حاولي قدر استطاعتك أن تستمتعي بكل لحظة خلال الوقت الذي تمضينه على العشاء، كان يقصد أن تستمتع بالطعام والأحاديث والموسيقى المناسبة خلال الأمسية، أن تزيح من تفكيرها كل ما يمكن أن يؤثر سلباً على هذا الاستمتاع، وكأنه يقول لها إن الإنسان ابن لحظته الآنية التي إن تولت فلن تعود لذلك عليه أن لا يفرط فيها خاصة إذا كانت لحظة مبهجة يصحبه فيها أناس مبهجون.

فالحياة حولنا مليئة بمسببات الحزن والكآبة والأخبار السيئة، فلا نخلط الحابل بالنابل إذن ولنحيَ كل لحظة في حياتنا بحسب سياقها وظروف عبورها، هناك أوقات جادة وصارمة تعبرنا كل يوم حيث لا مكان فيها للعب أو الضحك، وهي تأخذ منا الكثير، وهناك أوقات يروّح فيها الإنسان عن نفسه، وعليه أن يغتنمها.

وفي الحديث الشريف «روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت»، يقول هذا الوالد لابنته، اغتنمي ذلك، لأن الذين يعيشون لحظتهم هم أناس متماسكون، متزنون وفي أفضل حالاتهم النفسية.

لم يحظَ كل الناس بآباء يقدمون لهم مثل هذه النصيحة الثمينة، لذلك لا يستمتع الجميع بلحظتهم ولا يعيشونها كما يجب، فهناك من يغض الطرف عن المباهج والنعم التي تحيط به من كل جانب، إنه ينسى ولا يرى إلا ما تحت قدميه فقط، لذلك فهو دائم التأسي والتحسر على ما فاته من الماضي أو على ذكرياته التي تولت، هؤلاء المصابون بحالة العيش في الماضي يقول علماء السلوك إنهم أشخاص ليسوا معافين نفسياً بل إنهم عرضة للسقوط في الاكتئاب في أية لحظة!

وهناك من قطع صلته بالماضي وصار كنبتة بلا جذور، وهو لا يبالي بذلك، لكنه لم يغرس نفسه في الحاضر أو في اللحظة التي يعيشها بل إن عقله ونظره مصوّبان دائماً نحو الغد، لا يفكر إلا في المستقبل، كيف سيكون، وماذا سيمتلك، وكيف سيعيش و... وهذا النوع من الناس عرضة للتوتر والقلق، لنقص حاد في فضيلة القناعة ومستوى الإيمان!

Email