لماذا يهرب الرجال؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أحد مشاهد فيلم «الركاب» يحاول بطل الفيلم، الذي هو الناجي الوحيد في حادث تحطم الطائرة (أو هكذا يخيل له ولنا)، إقناع طبيبته النفسية بمشاركته قهوة الصباح باكراً، بينما تصر هي على موقفها الرافض نظراً لطبيعة العلاقة بينهما، لكنها وبلا مقدمات تسأله: هل أنت متزوج؟ ينفي ذلك ويعيد لها السؤال، فتقول: أنا شخص يتجنب العلاقات، ولا يمكنني أن أقترب من شخص إلى الدرجة التي أتزوجه، يقول لها، إنك تسيرين قريباً من الحياة لكنك لا تعيشينها، في الحقيقة أنت لا تعرفين الحياة على حقيقتها.

لا يستفزها حديثه، لكنها تسأله، لماذا لم يتزوج رغم تقدمه في العمر؟ يقول لها إنه كان على وشك إتمام زواجه منذ سنتين لكنه هرب قبل الزواج بيومين، غادر المدينة واختفى تماماً، لقد شعر بالخوف!

والحقيقة أنني قرأت كثيراً حول الرجال الذين يخافون من فكرة المسؤولية التي ينطوي عليها الزواج، فيهربون قبل اكتمال إجراءاته، وشاهدت هذه التفصيلة في العديد من الأفلام الأجنبية، وكأنه سلوك معتاد في الغرب، كما أتذكر أن كثيراً من المساعدات المنزليات اللواتي مررن على بيتي، قد ذكرن أنهن أمهات وحيدات لأطفال ومراهقين، لأن أزواجهن تركوا المنزل وهربوا !

قد يبدو الأمر غريباً بالنسبة لنا، لكنه من الظواهر المتكررة في المجتمعات الأخرى، ذلك أن أنماط التربية والتوجهات الأخلاقية إضافة للأوضاع الاقتصادية هناك تختلف جذرياً عما اعتدنا عليه، إضافة للمشكلات النفسية وطرق التعبير عن المخاوف والأزمات.

وعودة لفيلم «الركاب» يسأل البطل طبيبته في المشهد نفسه: هل تعرفين ما هو الشيء المخيف في الزواج؟ إن كل شيء يصبح حقيقياً أمام الرجل، إن الزواج حياة حقيقية خالية من الأمنيات والأوهام، فأنت زوج، ثم ستصبح أباً، ومطلوب منك الكثير مما يجب عليك القيام به، لا أعذار في الزواج، وكل شيء يجب أن يتم ويتوفر، هذه الدرجة من الحقيقة الصعبة هي التي أخافتني!

ليت جميع الرجال يفكرون في مدى الحقيقة التي ينطوي عليها الزواج كحياة ومسؤولية، قبل أن يقدموا عليه ببساطة !

Email