التجارب التي لا تعلّم أصحابها

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتعلم الإنسان بطرق ووسائل مختلفة، يوفرها له نظام التربية داخل الأسرة ومن ثم المجتمع، كالإرشادات والتوجيهات وسرد القصص والأمثلة والمواعظ، ويتعلم الإنسان من تجاربه مع زملاء المدرسة والشارع، وكلما كبر اتسع أفق عقله والوسائل والطرق التي يتعلم منها، ولكن أهم مصادر التعلم هو ذاك المسمى بالتجربة والخطأ، فكل موقف أو تجربة سارة أو موجعة تترك أثراً وتقدم درساً بالتأكيد، ينتبه له البعض ولا يشعر به البعض، وهؤلاء الذين لا يشعرون بنعمة الخلاصات والتجارب، غالباً ما يعاودون الكرة ويقعون في نفس الحفرة، مراراً وتكراراً.. فلا ينطبق عليهم نظرية التعلم بالتجربة والخطأ للأسف!

تكون الأخطاء محدودة أحياناً ونتائجها محصورة في شخص مرتكبيها، فلا يتسع الأثر ولا يطال غير صاحبه، لكن الأخطاء حين ترتكب بشكل جماعي، وعلى الملأ، بدافع اللهو وباعتباره استمتاعاً بالحرية الشخصية، لكنه في المحصلة النهائية يفجر فقاعة من القيل والقال، والحديث الذي يطال السمعة والمعنويات، ما يترك أثراً يتعدى الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بالفعل إلى الجماعة أو المجتمع، وأضراراً معنوية تطال الجميع ولفترة طويلة من الزمن، فإن الأمر هنا يتجاوز اللهو ولا يدخل تحت بند الحريات الشخصية مطلقاً، بل يمكن النظر إليه باعتباره نوعاً من الحماقة والإضرار بالمجتمع، ما يوجب توقيع عقوبة رادعة تضمن عدم تكرارها مستقبلاً، فالأمة قبل الفرد والمجتمع قبل الشخص الواحد!

لماذا يصر البعض حتى اليوم حين يسافر على ارتكاب تلك الحماقات المعروفة التي من المفترض أننا تجاوزناها وتعلمنا دروسها بالتجربة والتكرار، وبمضي الزمن وبفضحها أمام الملأ، لكن للأسف يصر البعض لحماقة يصرون عليها على ممارسة تلك الأفعال المسيئة، التي تعرضهم للمساءلة وتعرض بلدانهم للقدح والذم، كما يصر البعض على التباهي بثياب ومقتنيات تجعلهم عرضة للهجمات الخطرة والسرقة وأحياناً الضرب والقتل! لقد تم تنبيه هؤلاء مراراً وتكراراً لكن للأسف لا زال البعض يسافر لاستعراض ثيابه ومجوهراته وحقائبه في الحدائق والأسواق والمقاهي، الأمر الذي يظهرنا كمحدثي نعمة بلهاء لا أكثر.. فمتى يمكن أن يتعلم هؤلاء؟

Email