الكتّاب وأسئلتهم الصعبة 1-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمر على معظم الكتّاب حين من الدهر لا يستطيعون فيه الكتابة، يحاولون كثيراً لكنهم يفشلون في إنتاج بضعة أسطر، فيجلسون على مكاتبهم يبحلقون في أجهزة الحاسوب والورق بيأس وكثير من الضيق دون أن يعرفوا المخرج! كل ما يعرفونه أن نهر الكتابة في قلوبهم قد توقف عن الجريان فجأة، الأمر الذي حبس تدفق الكلام والمعاني، ووحده هذا الكاتب من عليه معرفة طريق الخلاص للخروج من هذا العارض أو الفخ!

هذه الحالة شائعة بين الكتاب، إنها مرضهم الخاص، والمتلازمة التي يتضرع الكتّاب أن لا يقعوا فيها، إنها الحالة التي تسمى (حبسة الكتابة) التي تعني الإصابة بانعدام التركيز وفقدان الرغبة في المواصلة، وتوقف الخيال عن الانطلاق كما السابق، وبالتالي الشعور بحالة من اليأس أو الإحباط بسبب ذلك، خاصة حين يتمرد العقل على صاحبه وتبدأ حالة أشبه بالصراع حتى يتفوق أحدهما على الآخر ويخضعه لما يريد!

وقد يسقط الكاتب في هاوية الأسئلة العبثية التي تبدأ هكذا: لماذا أكتب؟ ما الذي يمكنني أن أضيفه لكل ما كتبه كبار الكتاب؟ لماذا علي أن أكتب هذا الهراء الذي أكتبه كل يوم والذي يبدو لي بلا معنى وبلا أثر؟ وتزيد الأزمة حين يسمع صوت عقله يصرخ فيه: أنا لا أريد أن ينسب لي هذا الذي تكتبه، إن لدي أفكاراً أخرى أريد طرحها إن لم تقو على احتمالها فغادر إذن!! هذا الصراع اليومي بين الكاتب وعقله يمكن ببساطة أن يقوده إلى حبسة أو أزمة كتابة قد تطول، وقد تكون مؤقتة إذا عرف كيف يتعامل معها بوعي ولا يخضع لشروطها!

يحتاج الكاتب لمكاشفة واعية مع الذات، لطرح الكثير من الأسئلة حول علاقته بالكتابة، ورؤيته لها، وتقييم وجوده ودوره في هذا العالم الصعب، عالم الكتابة، وعندها يصبح السؤال: لماذا أكتب سؤالاً عن الوجود والمعنى وليس سؤالاً لزعزعة الثقة وعدم الجدوى! والكاتب في أثناء قيامه بهذه المراجعة أو المكاشفة، سوف يجد نفسه منشغلاً بأمور حياتية لا سلطة له عليها، ستعيد له حتماً شغف الكتابة من جديد.

 

 

 

 

Email