هل يعرفون حقاً؟؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«يفهمها الآن، تلك التي عاشت بجواره لعدة سنوات، كانت محبوبة، ولكن لم يفهمها أحد. إنك لا تشعر بأنك قريب من شخص حقاً، حتى يموت ذلك الشخص، ويصبح بداخلك بالفعل»!

إنها واحدة من إشكاليات العلاقات الملتبسة بين الكثيرين، ففي التجربة اليومية غالباً ما ينظر الناس في أعين بعضهم بشيء من الحزن، في مواقف معينة قائلين أو معترفين «أنت لا تعرف قيمة من تحب حتى تفقده، فتكتشف أنك كنت تحبه طيلة الوقت، لكنك لم تقل له ذلك يوماً»، فهل نحن بالفعل لا نعرف قيمة من نحب حتى نفقدهم؟ ولماذا لا نعبر لهم عن حبنا واحتياجنا لهم بوضوح؟ هل هو قصور الإدراك، أم بسبب اللامبالاة والقسوة، أم أنه الجهل بالطريقة التي نعبر بها عن مشاعرنا، أم شعورنا بعدم ضرورة التعبير؟

في رواية «إيلينا تعرف» تطرح كلاوديا بينيرو، الكثير من الأسئلة الأخلاقية على هذه العلاقات ذات الحساسية، وخاصة العلاقة الملتبسة دوماً بين الأم وابنتها، ومدى الالتزام المفروض على الأبناء لرعاية آبائهم، ووعي الآباء بمعنى المحبة التي يشعرون بها تجاه أبنائهم!

تقدم الكاتبة فكرتها في إطار جريمة تذهب ضحيتها ابنتها ريتا، التي تكتشف جثتها في برج جرس إحدى الكنائس في الضاحية التي تعيش فيها العجوز إيلينا المريضة بمرض باركنسون، لكن التحقيق سرعان ما يغلق، باعتبار ما حدث جريمة انتحار، وهذا ما ترفضه العجوز، التي تقرر أن تخوض رحلة تقصٍّ وتحقيق لمعرفة القاتل!

فهي كما تقول تعرف ابنتها جيداً، وتعرف أنها لا يمكنها أن تسير تحت المطر إلى برج الكنيسة لتقتل نفسها، أو هكذا تعتقد، لأنها والدتها، إن إيلينا تعتقد أن الأمومة تأتي ويأتي معها حب الأبناء تلقائياً، وهي أحبت ابنتها، ولا تزال تحبها، رغم أنها لم تقل لها ذلك مطلقاً، رغم أنهما كانتا تتعاركان وتبتعدان عن بعضهما، رغم أن كلامهما معاً كان مثل ضربات السوط، رغم أنها لم تعانقها أو تقبلها كما ينبغي. ولهذا قررت إيلينا أن عليها أن تكمل رحلتها كأم رغم التحديات، ورغم كل ما لا تعرفه وما تنكره.

Email