الإمارات في قلبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

‏تقترن البدايات في قلبي بحكايات الأمهات اللواتي وقفن طويلاً على شرفات الصبر ينتظرن الأبناء والآباء والأزواج الذاهبين في رحلة الرزق، حكاية أمي وجدتي وأبي وجدي وخالي وجارنا مع البحر، وصلاة الفجر، ودبيب الحركة في البيوت فجراً، وجدتي تجهز موقدها وعجينها لفطور الصباح، بينما رجفة البرد تعتري كل جسدها، حكايات التعب، قصص الشعراء، تاريخ الماء، ومعاناة الإنسان مع الجفاف والكفاف، معاناة الأرض مع العطش، والجميع مع البحر، والظروف والفقر.

الإمارات حكاية ساطعة نسجت من صبر الرجال: أبي وجدي والبحارة الذين يعملون على سفن الغوص، وقوارب الصيد، ويصنعون بأيديهم المتقرحة الحبال والشباك والقراقير، ساهمين دوماً ينتظرون انفراج الأحوال بصبر ورضا، ويصيخون السمع لنشرات الأخبار من إذاعات صوت العرب وهيئة الإذاعة البريطانية، فهناك قادم مختلف سيغير كل شيء.

الإمارات تأسست كذلك على أكتاف النساء الصابرات، الجميلات، اللواتي أقمن بيوتاً عظيمة واعتنين بأسرهن يوم غاب الرجال في غياهب البحار، فقضين الأمسيات على ضوء الفنر، يحكن الثياب ويصنعن البراقع، وفي أمكنة أخرى يزرعن السهول والوديان ويفترشن الأرض يبعن ما يصنعنه بأيديهن، لتبقى لمة العائلة دون مساس، ويبقى صخب الصغار هادراً ومسموعاً لحين عودة الرجال الغائبين.

الإمارات تقارب الناس، الرضا بالقليل والموجود، ثم انفجار الفكرة التغييرية الكبرى، فكرة زايد المؤسس والقائد والراشد العضيد المحنك، فكرة الاتحاد والوحدة.. والإنسان في قلب الفكرة، والفكرة التي كانت خطوة فأصبحت طريقاً أخضر مورقاً من آلاف الأميال، وملايين الخطوات والمشروعات، ثم طارت الفكرة لتغدو اسماً ملأ أسماع العالم: دولة الإمارات العربية المتحدة.

هذا هو التاريخ الذي عشته وعايشته وسجلته للإمارات،

وهذه هي الإمارات، وطني، وأرضي وسيدة قلبي، وعلى أرضها كل ما يستحق الحياة، فكل يوم والإمارات وقيادتها وأهلها وأحبابها، ومن يعيش آمناً على ترابها بخير وأمان وسلام وكرامة.

Email