السعي للجمهور

ت + ت - الحجم الطبيعي

جميع الكتاب الذين برعوا في اختراع فن السرد العظيم، لم يخترعوا قصصهم ورواياتهم من الخيال، لكنهم خلطوا الواقع بالخيال وبالرمز والتجريد، وقدموا أنواعاً مختلفة من القصص والروايات والمسرحيات، حملت نبض المجتمع، وأزماته، وأحلام الكتاب في التأثير والتغيير.

إليكم هذه القصص: أرادت سيدة أن تستمتع بحياتها على طريقتها الخاصة وبحسب فهمها للحياة فاستدانت من البنك مبلغاً ضخماً مقابل ضمانات في غاية الأهمية، وبهذا المال بحثت عن أفخم السيارات، وأغلى المجوهرات والثياب، ولم تنسَ تلك الساعات التي تصل قيمتها لمئات الآلاف، وبالتأكيد أعدت لنفسها جدول أسفار على الدرجة الأولى وحفلات باذخة بغرض إشهار نفسها بين الناس باعتبارها من أصحاب الملايين، ويوماً إثر آخر نفد المال، وذاب الثلج كما يقولون وبان المرج، باتت الحقيقة الصارخة: إما السداد وإما الحجز على الأصول المرهونة، ولأنها لا تريد أن تجاهر بحقيقة إفلاسها صارت تدفع كامل مرتبها للبنك وتستدين من أخوتها أية مبالغ لتكمل بها شهرها!

القصة الثانية: دخلت فتاة في عقدها الثالث إلى مكتب مدير البنك، الذي رحب بها وسألها مباشرة عن طلبها، فأجابت بشكل مباشر: أريد تمويلاً بمبلغ 200 ألف! تمويل سكن؟ لا، تمويل سيارة؟ لا، إذن؟ تمويل شراء ساعة ألماس!! والضمان؟ الراتب، لكن الراتب قليل جداً، والساعة ليست من الأصول المضمونة أو التي يمكن تقييمها في السوق بطريقة مضمونة في حالة عجز العميل عن السداد، ولذلك رفض الطلب، لكنها عادت في اليوم التالي وأحضرت أوراق أرض تعود ملكيتها لها! حين سألوها ما ضرورة الساعة؟ أجابت: إن نظرة الناس في المجتمع للشخص تعتمد على مظهره وماركة ساعته ونوع سيارته، وعدد أرقام لوحة سيارته!

هذه ليست قصصاً خيالية، وهؤلاء يعيشون بيننا بالفعل ومثلهم آلاف مؤلفة، تسيرهم وتتحكم فيهم وفي قراراتهم ومصائرهم نظرة وكلام الناس. فالكل اليوم يسعى ليكون له جمهور من المتابعين وإلا فهو شخص بلا قيمة كما يظن، الكل يريد أن يكون مثيراً للإعجاب!

 

Email