هوس التجميل.. ما سببه؟ 2-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما يتحول البحث عن الجمال إلى هوس، يكون ذلك تعبيراً حقيقياً عن كراهية الذات، حيث ينتهي الشخص من تصحيح عيب خلقي لا بد من تصحيحه، إلى عمليات شاملة لكل جزء من جسده، من هنا يبدو أولئك الأشخاص الذين نقرأ عنهم في الصحف غريبي الأطوار بل ومرضى نفسيين، عندما يعلن أحدهم أو إحداهن على الأغلب أنها قد أجرت 50 عملية في وجهها فقط!!

إن ذلك يعني أنها غير راضية عن هذا الوجه ولم تكن راضية عنه يوماً منذ نظرت إلى نفسها في المرآة لأول مرة، لكنها لم تكن تعرف شيئاً عن هذه العمليات يومها، ولم تكن تمتلك ثمنها، لكنها كانت قد قررت تغيير هذا الوجه بمجرد أن تستطيع، لذلك فهي بهذه العمليات لا تصحح عيباً صغيراً يسبب لها بؤساً، بتنمر الآخرين عليها، ولكنها تحاول الخلاص من وجهها وإزالته، إنها تكرهه، تكره هذه الذات التي لطالما تعرضت للاحتقار والسخرية!

ومثل التجميل يمكن النظر إلى التدخين والإدمان والقمار، وإدمان تناول الطعام، وغير ذلك مما يعتبر شكلاً من أشكال تحقيق المتعة واللذة، لكن الحقيقة هي أن كل هذه الأشكال من السعي للمتعة والسعادة ما هي إلا نوع من كراهية الذات، ومعاقبتها بالأذى المدمر الذي ينتج عن هذه الأشكال المختلفة من الإدمان، التي تبدو في ظاهرها متعة لكنها في باطنها وعمقها الحقيقي ما هي إلا عذاب وأذى وتدمير ممنهج يوقعه الإنسان على نفسه وكأنه يعاقب هذه النفس أو يعاقب أهله ومحيطه لأسباب يعلمها هو، فكراهية الذات لها صور وأشكال عديدة. والأهم أن جذورها غالباً ما تعود إلى الطفولة.

إن كراهية الذات هذه هي ما يمنع الإنسان من تحقيق نجاح في التغيير وإصلاح الأخطاء، لأن ارتكابها من الأساس قائم على علاقة مختلة، فإن أراد الشخص الإقلاع عن التدخين أو الإدمان أو تناول الطعام بشكل مرضي عليه أن يتصالح مع نفسه ويحب ذاته، لحظتها فقط سينجح في التغيير، ذلك (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
 

Email