المزايدون في الأوقات الصعبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الأيام العصيبة جداً، التي يعبرها العالم أجمع في هذه الأيام، ليس هناك أكثر من الكذب والمزايدات! فأما الكذب والافتراءات فكلنا نعرف أنه عندما يختلط الحابل بالنابل، ويتكاثف الظلام، ويدفع كل الأطراف بما لديهم ليحرزوا أهدافاً أكثر، تصبح الحقيقة هي الضحية الأولى، فالكل يريد تحقيق انتصاره هو لا انتصار الحقيقة، ليكون صاحب السبق وموزع الأخبار الأول!

لذلك تصبح الشائعات والافتراءات ولي عنق الحقيقة وإنتاج قصص وحكايات موازية للواقع ومضادة للحقيقة من أكثر ما نتعثر به طوال الوقت في أيام الأزمات، وكم أزمة مررنا بها، وكم تسممت قلوبنا بالشائعات والهراء!

انظر إلى السوشال ميديا ومقدار امتلائها بالأكاذيب والكلام الملتبس، معظم الإعلام، والفضائيات التجارية، أحاديث الأصحاب، ومواقف الأصدقاء، أفلام السينما، ومواقف الفنانين وتصريحاتهم، ما يصدر عن سياسيي الدول وإعلامهم.. إلخ، هناك الكثير من الأكاذيب والقليل جداً من الحقائق، والكثير جداً من الشك والتوجس، والقليل من اليقين والتثبت والتفكير العقلاني!

وكأنه لا أحد يريد أن يفكر قبل أن يعيد إنتاج ما يسمعه أو ما وصله على طريقته، لأن أكثر الناس لا يريدون أن يفكروا أو يراجعوا أنفسهم، أو يشغلوا ولو جزءاً بسيطاً من أدمغتهم، فهم في سباق مع الزمن ومع الأخبار ومع تحقيق المكاسب، وكأن الواحد منهم قد منحته الأزمة منصب إعادة توزيع الشائعات، وترتيب قوائم المصالح، بعيداً عن الخسائر والضحايا، فذلك لا يعنيه في شيء، كل ما يهمه أن يحفظ نظام السير في عمق الكارثة حتى لا يختل نظام المجرة!

وسط ذلك كله تروج تجارة المزايدات وترتفع أسهم المزايدين، الذين يتجاوزون الواقع باستخدام المبالغة والسخرية وأحياناً إراقة ماء الوجه إرضاءً لأطراف ونكاية بأطراف أخرى، ولا عزاء للنزاهة والحقيقة، المهم أن تتخذ المزايدة ذلك الشكل الاستفزازي الذي يولد أزمات جانبية صغيرة مطلوبة للإلهاء والتخريب وجعل أرض الأزمة مشتعلة دوماً. إننا نعيش في فقاعة هائلة من المزايدات محتشدة بآلاف المزايدين الذين يعرفون كيف يغيرون الأقنعة والرسائل بحسب كل أزمة!

Email