عندما ينفد صبر الأمهات!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينظر المجتمع العربي والمسلم تحديداً، كما تؤمن الأسرة العربية كذلك، بأن بقاء الأبناء إلى جانب والديهم يعتبر نعمة كبيرة، وخاصة في مرحلة الكبر أو الشيخوخة، حين يكون الوالدان في أمسّ الحاجة للرعاية والاهتمام، بحيث يعني وجود الأبناء شكلاً وضمناً، المسؤولية الكاملة تقريباً عن الوالدين في كل ما يتعلق بإعاشتهما وعلاجهما ومساندتهما نفسياً ومادياً، ومؤانستهما وعدم تركهما للوحدة والإهمال، خاصة إذا لم يكن الوالدان مشمولين بالضمان الصحي والاجتماعي، أو من ميسوري الحال.

وكعرب ومسلمين، فإن الأسر تعتبر الإنفاق على الوالدين ورعايتهما جزءاً مهماً من تقاليد الأسرة ومستلزمات الدين، وعليه فليس من عادات الأسر العربية التخلي عن أفرادها (صغاراً وكباراً) في أي مرحلة عمرية، تحت أية مبررات، كما هو الحال في المجتمعات الغربية التي تتسم بطبيعة وتوجهات فكرية وفلسفية ذات سياقات تاريخية خاصة بها، ترتكز على الفلسفة المادية، والتوجه الفرداني المستقل للأفراد، ما يدفع الأبناء لمغادرة منزل العائلة في سن مبكرة وفق القانون، وليس بسبب المزاج أو الخلافات العائلية!

في المتوسط، يترك الإيطاليون منزل والديهم في عمر 30 عاماً، أما في كرواتيا فيترك الأبناء المنزل في عمر 35 عاماً تقريباً، وعلى النقيض من ذلك، يبدأ الأبناء في فنلندا والسويد والدنمارك حياتهم بمفردهم في عمر 21 عاماً، والأمر لا يختلف كثيراً في الولايات المتحدة، وهذه واحدة من سمات المجتمع التي تثير استغرابنا، لكنهم هناك يتعايشون معها بحكم الأوضاع المادية التي ينظمها القانون!

وبالرغم من أن بقاء الأبناء مع أسرهم حتى سن متقدمة، أمر غير شائع في أوروبا، إلا أنه بلا شك يسعد الأبوين، وخاصة الأم، حين يشكل الأبناء مصدر مساندة ومساعدة، إلا أن أرملة إيطالية تبلغ من العمر 75 عاماً في مدينة بافيا بشمال إيطاليا، رفعت دعوى قضائية لطرد ولديها، اللذين يبلغان من العمر 40 و42 عاماً، من منزلها، لرفضهما المغادرة، وبقائهما في المنزل كطفيليين دون أن يسهما مع والدتهما المتقاعدة في أية نفقات ولسنوات، ما دفعها للجوء للقضاء واستصدار حكم بطردهما.

Email