كيف تفضل شكل كتابك؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تدخل صديقتي إلى غرفة في منزلي تحتل فيها المكتبة المساحة الأكبر، تنقل عينيها بين عناوين الكتب جيئة وذهاباً وتسألني: هل قرأت كل هذه الكتب؟ أتذكر أنه السؤال الأول الذي يطرحه كل من تقع عيناه على مكتبة أي منا، فأبتسم وأقول لها: لا يمكنني ادعاء ذلك، لكنني أستطيع أن أؤكد أنني فتحت معظمها وتصفحت بضع صفحات من كتب لم أتم قراءتها، لكنني أفخر بأنني أعرف موضوعاتها، وبأن جميعها نسخ قانونية، ليست مزورة!

ويسألني صحفي عن رأيي في موضوع النشر الإلكتروني؟ باعتبار الكتاب الإلكتروني خياراً أفضل للقارئ وأرخص كلفة للناشر كما يقول! فإذا كانت الحسابات تؤكد انخفاض كلفة الكتاب الورقي، فمن ذا الذي يؤكد أنه الخيار الأفضل للقارئ؟ إن القراءة سلوك فردي وديمقراطي بالدرجة الأولى، والكتاب الورقي وعاء معرفي أصيل، والقارئ وحده من يحدد شكل وعائه إذا كان يريده ورقياً أو إلكترونياً أو مسموعاً، إضافة لمقدرته وظروفه المادية، ومدى توافر الكتاب بين يديه!

إن عبارات من نوع انتشار التقنية وتفضيل الأجيال الحديثة لها وسطوتها و.. إلخ، ليست سوى عبارات إنشائية جاهزة لم يتم اختبار مدى صلابتها ومصداقيتها إحصائياً ورقمياً، ففي صحافتنا العربية يمكنك قراءة موضوعات بلا حصر حول الكتب والقراءة، إلا أنها موضوعات مكررة ومسترسلة، فلا أرقام ولا إحصاءات ولا دراسات تعزز استنتاجاتنا وقراراتنا رغم نظرتنا وتوجهاتنا الجادة نحو القراءة!

إن معظم القراء الذين يذهبون إلى معارض الكتب حول العالم، وإلى المكتبات، لا يزالون يفضلون شراء الكتب الورقية، ويحرصون على اقتنائها، ليس بسبب تلك الاعتبارات الرومانسية (الذكريات ورائحة الورق.. إلخ) لكن لأن ملكية الكتاب واقتنائه ووجوده في مكتبتي أو في حقيبتي وبين يدي لا تشبه قراءته عن طريق جهاز الهاتف، إذا فرغت بطاريته اختفى ذلك الكتاب في غمضة عين، هذا الكتاب الإلكتروني الذي لا وجود حقيقياً له، لا يمكنني الادعاء بأنه يخصني ويمكنني التصرف فيه أو الكتابة على هامشه أو التخطيط تحت كلماته، أو إهدائه لصديق أو إعارته له أو الاحتفاظ به إلى الأبد!.

Email