كلمة لا بد منها!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول «مثقف» عربي، في قطر عربي، يجلس حول مائدة مستديرة، يشاركه الجلوس عليها مجموعة ممن يحسبون أنفسهم على الثقافة والأدب والأكاديميا، إننا يمكننا أن نجعل من بلادنا درة تضاهي أرقى مدن الخليج، لو أننا تخلينا عن استقلاليتنا ورضينا بكذا وكذا.

ولن أعدد ما ذكره لأنه معروف للجميع في ظل قناعات شائعة لدى البعض حول التطور والتنمية والبناء في الخليج باعتبارها جاءت نتيجة تخلي هذه الدول عن مبادئها وقضاياها، وللأسف أن يجلس أمثال هؤلاء في مؤتمرات ويحسبون في عداد المثقفين.

الذين حضروا المؤتمر، شهدوا للقائمين عليه بسوء التنظيم، وللمكان بسوء الترتيب وانعدام النظافة وتواضع الخدمات، والعلة ليست في المظاهر والتجليات المادية للغنى والفقر والتطور والتخلف، فيمكنك أن تنظم مؤتمراً أو منتدى في قرية أو مدينة قديمة لا تتوافر فيها الأبراج والفنادق الفخمة والسيارات الفارهة، لكنك بذكائك وحسن تنظيمك ودأبك يمكنك أن توفر القدر العالي من النظام والنظافة وحسن الاستقبال وانضباط الإجراءات، فهذه لا تحتاج إلى شعارات، بقدر ما تحتاج إلى إدارة ذكية نشيطة ومحترفة.

وقال مبرراً رداءة التنظيم والنظافة: (نحن لا ندفع أموالاً كافية مثلكم لأننا فقراء)!! والفاشلون سواء دولاً كانوا أو جماعات أو أفراداً، لا يجدون سوى هذا المبرر مشجباً يعلقون عليه فشلهم! والحق أنه لا يصح وليس من الأخلاق والمنطق أن تحصر أسباب ما أصبحت عليه دول الخليج من تطور وتقدم في شروط الحياة وبنية القوانين والإجراءات والإدارة والتخطيط وتوجيه الثروات وتفعيل الإمكانيات إلى وفرة أموال النفط فقط!

فهناك إدارة ناجحة وحكم رشيد لا يجب إغفاله، وانسجام تام في الرؤى والطموحات والأهداف بين الحكام وشعوبها، وإرادة سياسية وطموح واضح، وبشر عاشوا في أكثر الظروف المناخية والاقتصادية قسوة وضيق يد، ومع ذلك سيحدثك أبناؤهم عن نظافة منازلهم وطرقاتهم، وعن رقي أخلاقهم ونبل نفوسهم ومحبة حكامهم وتكافلهم وكفاحهم.. بالله عليكم ألم تفهموا بعد تلك الصرخة التي أطلقها د. محمد الرميحي منذ عقود حين كتب: الخليج ليس نفطاً.. فما الثقافة إذا لم تكن وعياً ومعرفة؟

Email