مسلسل إماراتي لا ينسى !

ت + ت - الحجم الطبيعي

لفت نظري منذ مدة حديث ضاحك بين شابين كانا يجلسان في مقهى في أحد المشافي، وكنت أنتظر نتيجة فحص ما كنت قد أجريته، فجلست في المقهى نفسه، أما حديث الشابين فكان يدور حول مسلسل (إشحفان) وهو مسلسل إماراتي قديم من النوع الكوميدي، يعد من أشهر وأبرز المسلسلات الإماراتية على الإطلاق، ولقد عرض في أغلب التلفزيونات الخليجية نهاية السبعينيات، وكان من إنتاج قناة أبوظبي عام 1978، ومن تأليف سلطان الشاعر وبطولته مع محمد الجناحي وحمد ياسين.

كان حديث الشابين لا يعدو استحضاراً لمواقف ضاحكة من المسلسل لا زالت متداولة حتى اليوم بين رواد مواقع التواصل، إضافة لشخصية (البخيل) إشحفان التي أداها سلطان الشاعر (رحمة الله عليه) بعفوية واقتدار مشهودين، إلى الدرجة التي جعلت المسلسل واحداً من الأعمال التلفزيونية في ذاكرة جيل الثمانينيات تحديداً، حتى إنني عندما سافرت إلى الولايات المتحدة بداية التسعينيات، عرفت من أخي الذي كان يدرس هناك، أن الطلاب الإماراتيين كانوا يحضرون معهم أشرطة فيديو للمسلسل ليشاهدوه بشكل يومي.

هذه الشهرة، والجماهيرية، وهذا التعلق بالمسلسل من جانب فئات عمرية مختلفة، وتحوله إلى ما يشبه (التميمة) في حقائب الطلاب الدارسين في الغرب، لأنه يذكرهم دائماً بأهلهم وبيئتهم ولهجتهم، رغم تواضع الإمكانيات الإنتاجية والفنية والإخراجية للعمل، دليل على نجاح حقيقي واعتراف جماهيري بهذا النجاح.

هذا النجاح أيضاً يعيدنا إلى مسألة أن المسلسل والرواية والحكاية والبرنامج التلفزيوني، ما هي إلا أدوات ورسائل مهمة، ذات مضامين توجه للجمهور لتقول شيئاً ما، فإن لم تمتلك قواسم مشتركة بينها وبين المتلقي، وإن لم تعبر عنهم وعن بيئتهم، وتقدم بلغتهم أو لهجتهم وعبر شخصيات وأسماء تشبههم، فإنها لن تصل ولن تترك أي أثر!

والحق فمنذ مسلسل إشحفان وحتى اليوم قدمت تلفزيوناتنا أعمالاً كثيرة جداً، بعضها ذو قيمة وكثير منها لم يترك أثراً، لكنني لم أجد حتى اليوم عملاً يوازي إشحفان بكل العناصر التي كونت تركيبة جماهيريته وانتشاره، والتي غدت شبه مستحيلة في أيامنا.. أقصد أن يكون العمل إماراتي الهوية والنكهة.

Email