الحب المنسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرة، معقدة، مختلفة، عميقة، وذات مستويات متفاوتة، تلك هي طبيعة العلاقات الإنسانية التي يرتبط بها الإنسان ويعيشها خلال عمره، مع نفسه، أسرته، عائلته الكبيرة، وأصدقائه، أما أكثر العلاقات التي برغم قلة التعبير عنها إلا أنها ذات أثر ومكانة لا تقدر، فهي علاقة الأب بابنته، وعلاقة الأخت بأخيها.

ولقد تناولت السينما كما تناول الأدب هذه العلاقات، فتم تسليط الضوء على مساراتها، وتناقضاتها وتأثيراتها على حياتنا سلباً أو إيجاباً، لقد فككت السينما والأدب خيوط هذه العلاقات المتداخلة والمعقدة، في نصوص أدبية وأعمال سينمائية خالدة، وكما أزاحت القداسة عنها فإنها أزالت الضبابية والمثالية الزائدة كذلك، لتضعها في إطارها الحقيقي والإنساني، ولتؤكد على حقيقتين غاية في الأهمية: لا علاقة مثالية بالمطلق، ولا أشخاص مثاليين، لكن غير المثالي لا يعني الرديء أو الفاسد، فالابنة والأخت والأم وحتى بعض الأصدقاء النادرين يمكنهم أن يكونوا بشراً عاديين وفي نفس الوقت منارات ساطعة وسط أنواء الحياة، أو عند الضرورة.

أما ثانياً فإنه مهما أقفرت دنيا الإنسان، وتخلى كثير ممن حولنا من الأفراد أو الجماعات عنا، منحازين لغبائهم ونوازعهم البشرية، باتجاه الأذى والغدر والخيانة والغيرة والحسد و.. ، فإن أشخاصاً معينين، لا يمكنهم أن يفسدوا أو يطال الخراب قلوبهم مهما يمر الزمان، ونفترق ونضيع، هذه العلاقات ستلوح في اللحظة المناسبة، حين سنكون في أمس الحاجة لمنقذ، فما نبحث عنه، يبحث عنا في الوقت نفسه!

هذا ما ناقشه الفيلم البولندي (الحب المنسي)، الذي يعرض حكاية جراح قلب ناجح ذي شهرة وصيت كبيرين، يتعرض لغدر صديقه وخيانة زوجته، ويترك بين أيدي اللصوص ليلاقي مصيره وحيداً. وبرغم وجود صديقه الغيور، إلا أنه لم يحرك ساكناً، كأنما وجدها فرصة سانحة للخلاص منه، فتركه لمصيره ومضى. لم يمت الطبيب لكنه فقد الذاكرة، وتشرد في القرى لمدة 15 عاماً، إلى أن عثر على ابنته وعثرت عليه، فأنقذته وردت له ذاكرته وحياته.

Email