أهل الصور !

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحياة التي نراها في الصور، صور الحياة التي يعيشها المشاهير والأثرياء ونجوم السينما، نمط الحياة في الأزمنة الماضية والتي تعرض في أفلام السينما، حياة الرفاهية والبذخ في إعلانات التلفزيون .. كل هذه الصور التي تتوالى على مخيلتنا والأفلام تعرض علينا ليل نهار ما هي إلا عملية غسل دماغ طويلة الأمد وممنهجة بشكل مدروس جداً .. فالإعلان يراد به أن يؤثر عليك وأن تصدق محتواه وأن تجري لاقتناء ما يتم الإعلان عنه بأكثر الطرق كذباً ومجافاة للحقيقة.

إن صور الثراء والبذخ وجزر الأحلام والطائرات، والنساء اللواتي يزيّن أغلفة المجلات والشباب الذين يحاكون جمال الصبايا، تعمل على تغيير برمجة وتوجهات الدماغ، ليقتنع الشخص البسيط العادي بأن الحياة الحقيقية ليست ما يعيشه، وأنها تلك التي تعرضها الصور والدعايات والإعلانات، وأن النساء هن هؤلاء الفاتنات، والرجال الحقيقيين هم هؤلاء الذين يملؤون الإعلانات ومقاطع الأغاني !! وبالفعل يقع الكثيرون في فخ الصورة ولا يتمكنون من المغادرة إلا وقد خسروا كثيراً !

بينما بقليل من التفكير نستطيع أن نفكك هذه الصورة البراقة الملونة، ونثبت كذبها وزيفها وزيف من يقوم بها، قليل من التفكير لكنه يحتاج إلى كثير من الوعي، فهذه ليست سوى صور موجهة ومصنوعة تقنياً بألف برنامج وبرنامج، لكي يبدو الأشخاص فيها بكل هذا اللمعان غير العادي، وغير الحقيقي، وهنا لا بد أن نتساءل ما شأننا نحن بأشخاص كهؤلاء ليسوا حقيقيين ولا يشبهوننا في شيء؟! خاصة ونحن نعرف الحياة ونعرف حقيقتها جيداً، وحقيقة من يعيشون معنا فيها، لماذا علينا أن نكون من سكان الصور إذن؟!

هل هناك من يقايضنا لأسباب لا نعلمها، فيسرق منا نعمة الرضا بالواقع في مقابل لوثة الخيال والأحلام والأمنيات البعيدة؟ هل هناك من يزور الواقع كي نرفضه ونركض نحو المجهول، مضحين بالاستقرار والهدوء والقناعة، أم أنه يدفعنا للهروب من الواقع نحو الخيال والأحلام والصور البهية باعتبارها طموحات مشروعة ؟!

في الصور يبدو كل شيء وكل إنسان جميلاً وسعيداً، وجديراً بالغبطة وعبارات الإعجاب .. فهل هو كذلك فعلاً وواقعاً ؟!

 

Email