الأحلام التي تغير الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا أردت المعرفة فاطرح أسئلة تذهب بك للأمام كثيراً، لا تتورط في أسئلة لا تحمل أجوبتها، عليك أن تتمهل، لأنك بقليل من التأمل والتفكير ستصل للمعرفة التي تظنها غائبة، بينما هي بين عينيك.

كتب الروائي غابرييل غارسيا ماركيز يصف الشاعر التشيلي بابلو نيرودا بأنه (أفضل شعراء القرن العشرين وفي جميع لغات العالم) كما قال عنه أحد النقاد الغربيين (لا يمكن مقارنة أي من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذي سبق زمانه)، وفي عام 1971 منح جائزة نوبل للآداب، وحين عاد مزهواً بفوزه، وجد الآلاف بانتظاره، وكذلك رئيس البلاد سلفادور الليندي!

عرف نيرودا بأنه شاعر الفقراء وسكان القرى البائسة، وحين سئل لماذا تكتب الشعر يا نيرودا؟ أجاب: كي أغير حياة الفقراء! وقد مات عام 1973 دون أن تتغير حياة الفقراء في زمنه، لكنه حاول كثيراً وفعل كل ما يمكنه كي يرسم طريقاً مختلفاً لهم ولتشيلي بعيداً عن الطغيان والفساد واحتكار الشركات الأمريكية والغربية، ذلك كان حلمه، وقد تحقق في النهاية.

ربما لم تتحقق أحلامه في حياته، كما قد لا تتحقق أحلامنا جميعاً في هذه الحياة، وذلك ليس خللاً فينا، ولا في مشروعية الحلم، كما يحاول البعض اليوم أن يشككوا في ضعف الشعوب التي تقع تحت الاحتلال (من يريد أن يتحرر عليه أن يكون قوياً مثلهم) يقول أحدهم، وهذا قول لا شك فيه، لكنه قول ناقص، فمن يريد أن يصل لتحقيق حلمه عليه أن يؤمن عميقاً بحقه في هذا الحلم ثم يسعى!

ولذلك لم يخطئ نيرودا حين حلم، وليس ذنبه أنه مات قبل أن يتحقق حلمه لكنه رسم لشعبه طريقاً أوصلهم لما حلم به لهم، فقد لا تتحقق الأحلام في وقتها، لأن الوقت ليس وقتها، أو لأن هناك من يخونها، وقد كان هناك من خان الأحلام التي رسمها نيرودا لفقراء تشيلي، لذلك كانت آخر جملة كتبها قبل وفاته تلخص هذا الواقع في تلك الفترة، فبعد أن فاز بنوبل وأقعده المرض والانقلابيون والفاسدون الذين قتلوا سلفادور الليندي كتب نيرودا: «لقد عادوا ليخونوا تشيلي مرة أخرى»!

Email