هل الإنسان أكثر سعادة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل يعرف الإنسان المعاصر ما الذي يسعده فعلاً؟ وهل يحتاج الإنسان الذي يعيش في مدن لا ينقصها شيء من مستلزمات وشروط الراحة والمتعة والرفاهية، لأن يتساءل عن شروط السعادة وأن يبحث عنها؟ ألم تقترن السعادة دوماً بتحقيق الرفاهية والثراء وبالتالي امتلاك كل أدوات الراحة والمتعة؟ إذن لماذا لا يبدو الإنسان في أفضل حالاته كما تبين الإحصاءات والمؤشرات الاجتماعية والنفسية التي تتحدث عن القلق والاكتئاب والانتحار والانسحاب!

في دولة كالولايات المتحدة التي لطالما طرحت نفسها باعتبارها قلعة الرأسمالية وموئل الحلم الذي يراود نصف سكان العالم بتحقيق الثراء والاستقرار والحياة الكريمة، إلا أن الإحصاءات والأخبار لا تدل على أن الأمريكي الذي يبيع هذا الحلم للعالم يتمتع به فعلاً، فالجرائم تحدث في وضح النهار، وتحديداً جرائم التلاميذ في المدارس، بينما الأزمات الاقتصادية تقصم موازنات الأسر والأفراد، ولا أثر لذلك الترابط والحياة الحميمة بين الناس، أما الفرد العادي متوسط الدخل فيئن تحت وطأة الديون ورهونات العقارات وفقدان الوظيفة!

والحال ليس بأفضل من ذلك في العديد من دول أوروبا، فهناك تعثر حقيقي على مستوى الاستقرار المادي والسياسي والأمني والاجتماعي، هناك «ضيق في الحال يعبر عنه الناس بوضوح»، وغالباً ما يشتكي الناس من أزمات اقتصادية تجعلهم دائماً تحت رحمة الاقتراض والتقتير على أنفسهم، والاستسلام لمقصلة التزامات الحياة ومتطلباتها، ناهيك عما يعتبرونه تهديدات حقيقية تهدد أمنهم الغذائي والصحي متمثلة في المهاجرين، وأزمات المناخ، والحروب، ونفاد مخزون الطاقة وغلاء أسعارها.. فأين هي السعادة التي نتخيل أنهم يسبحون فيها؟

أما في العالم العربي، باستثناء دول الخليج، فإن الإنسان في مختلف الدول العربية يعاني الكثير على مستوى الاقتصاد والخدمات والحقوق السياسية والكرامة الإنسانية، وفي ظل هذا ستكون السعادة منقوصة دائماً طالما هناك ما ينغصها، أما في منظومة دول الخليج فإن لها إشكالاتها بالتأكيد والتي تجعل الإنسان يبحث دوماً عما يجعله سعيداً في ظل أسئلة وجودية هائلة، حول التغيير والاغتراب وتداخل الثقافات وغيرها مما يحوله إلى إنسان قلق في المكان الذي يعيش فيه!!

 

Email