لا تتحدث بما لا تعرف!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخوض في أمور لا نعرف عنها حقيقتها ليس حرية، كما يدعي البعض قائلاً إن من حق الناس أن يتكلموا، نعم للناس أن يتكلموا، يتحدثوا بما يشاؤون، عن أنفسهم، حياتهم، طموحاتهم، قصصهم الخاصة، علاقاتهم، مشاريعهم وخططهم للسفر والتسوق والنزهات وتربية الأبناء، عن لقاءاتهم بأصدقائهم، عن أفلام السينما التي يودون مشاهدتها في عطلة نهاية الأسبوع، والكتب التي قرؤوها، أو التي سيقرؤونها، عن الحفلات والموضة والموسيقى و..

الكلام كثير لا حدود له إذا أراد الناس أن يتحدثوا فيما يعنيهم وفيما يعرفون، وفيما هم متأكدون منه، ولن يستطيع أحد أن يصادر هذا الحق منهم، حتى القانون لا يمكنه ذلك، لكن خلاف ذلك يعتبر إما من باب التدخل فيما لا يعني الشخص، وإما من باب إطلاق الشائعات، وأحياناً يحلو للبعض أن يدعي العلم في كل أمر وخبر، فيفتي ويتقول ويخوض في موضوعات وأحوال تستلزم الحيطة والحذر الشديد، فأن يهرف الإنسان بما لا يعرف يعني أن يوقع نفسه في المساءلة، أو يوقع على غيره من الضرر ما لا يعرف وقعه وأبعاده.

فحين لا تعرف قلْ لا أعلم، أو لا أعرف، أو امتنع عن التعليق (فمن قال لا أعلم فقد أفتى وسلم من السقوط في المحظور)، أما من يهرف بما لا يعرف فهو يتحدث بما لا يفقه ولا يعلم، كحاطب ليل فيكثر خطؤه وتتفاقم مسؤوليته، ولا تقل حرية شخصية، فالحرية الشخصية لا تعني إيذاء الآخرين، ولا تعني تعطيل المصالح، ولا تعني تسميم المجتمع بالإشاعات والتفاسير المضللة، إنها كلمة، وإن الكلمة أمانة، وإن الأمانة ثقيلة، ومن هنا تأتي التحذيرات!

يحتاج المجتمع إلى تفعيل ضوابطه وآليات الرقابة فيه بشكل حاسم أحياناً، خاصة حين تتعرض جماعة أو حتى فرد للأذى بسبب الإشاعات، وتداول الآراء والأخبار والصور المسببة للأذى النفسي والشخصي المباشر، وهنا على الجميع الالتزام والانضباط. وعلى الأسر وأولياء الأمور أن يعلّموا أولادهم تربية الانضباط في هذا الخصوص كي يشبوا على احترام القانون وخصوصيات الآخرين!

Email