كيف تستطيع قتل الموهبة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أتذكر تماماً مشهد معلمة الرسم وهي تلقي مجسماً، أحضرته إحدى زميلاتنا في الصف كمبادرة لفكرة فنية مبتكرة، فإذا بالمعلمة تفتح النافذة وتلقي العمل من شاهق، منذ تلك اللحظة لم تحضر تلك الطالبة أي درس للرسم.

في برنامج تلفزيوني تحكي طفلة سعودية أن معلمتها طلبت منهم في الصف أن يخبروها ماذا يريدون أن يصبحوا عندما يكبرون، فقالت إنها تريد أن تصبح طبيبة أسنان، لتفاجئها المعلمة بضحكة ساخرة، تنمرت فيها على الصغيرة متسائلة «كيف تصبحين طبيبة أسنان وأسنانك مكسرة؟»، فأجهشت الطفلة في البكاء، وعادت كسيرة القلب لمنزلها، لتحكي لخالتها ما حدث، الخالة وثقت الحكاية، ونشرتها على وسائل التواصل، ما أثار ضجة المجتمع، وجعل الطفلة تحظى بدعوة من أحد الأطباء لعلاج أسنانها، والتنبؤ لها كطبيبة أسنان مستقبلية. في لندن الطفل البريطاني «جو ويل» ذو السنوات التسع، وبعد أن عاقبته المدرسة، بسبب خربشاته المتكررة على الجدران، كما كانوا يتهمونه، يقف بكل ثقة ليعلن عن توقيع عقد مع إحدى الشركات، التي نظرت إلى خربشاته بعين التقدير باعتبارها موهبة رفيعة المستوى، فمنحته فرصة وظيفة رسم وتزيين جدران المطاعم، وبراتب مُغْرٍ.

«جي كي رولينغ» مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر الشهيرة، التي تحولت بفضل هذه السلسلة إلى مليارديرة، تقدر ثروتها بنحو مليار دولار، ولدت وترعرعت وسط أسرة إنجليزية متوسطة الحال، وطوال فترة طفولتها عرفت باهتمامها بالأرانب والقراءة، في المدرسة كان مستواها الدراسي ضعيفاً جداً، بسبب عدم تركيزها في الصف، لشدة هوسها بالقصص الخيالية، وفي الجامعة لم يتغير الوضع، فقد ظلت كما هي، لكنها لم تتوقف عن كتابة القصص، التي لم يكن يقرأها أحد سواها.

تزوجت في البرتغال وأنجبت، لكنها عاشت حياة زوجية تعيسة، انتهت بالطلاق، وفي رحلة العودة من البرتغال كتبت الجزء الأول من حكاية الطفل هاري بوتر وعالمه السحري، وعرضتها على 12 ناشراً كلهم رفضوها، لأنها رواية طويلة وسخيفة ومملة، حتى قبلت بها دار نشر صغيرة، يمتلكها رجل أعطى الرواية لصغيرته، التي أحبت الرواية، فتحمس لنشرها، وانطلقت جي كي رولينغ بعدها للشهرة، وعالم الثراء.

 

Email