دفاعاً عن الرداءة !

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتقد البعض أن النقد الذي يوجه لأداء شخص ما، سواء في الإدارة أو الأدب أو طلب العلم .... يحطم معنويات الشخص المعني بالنقد، ويحبطه ويقضي على أية فرصة له للتقدم والنمو، وأن من واجبنا كمتابعين ومهتمين ومعلمين ونقاد أن نأخذ هؤلاء بالرأفة والتسامح (بمعنى أخذهم باللين والتسامح معهم) وأن نغض الطرف عن تجاوزاتهم وأخطائهم، فالزمن وحده كفيل بتعليمهم ومرور التجارب والبشر في حياتهم سيجعلهم أصلب عوداً وأقوى أداء وأفضل إنتاجاً، في الإدارة كما في طلب العلم والتدرب وإنتاج الأدب وغير ذلك.

ذكرتني كلمة أن نأخذهم بالرأفة، بموجة لجان الرأفة التي كنا نسمع بها أيام الامتحانات في المرحلة الثانوية، فقد كان الطالب الذي يحرز درجات متدنية ويكون بينه وبين النجاح درجة أو اثنتان أو ثلاث ربما تعقد له لجنة لمراجعة ورقته ويتساهل المصححون معه فيمنحونه درجات أقرب للمجانية فقط ليعبر طريق الفشل بأكثر الأساليب تجاوزاً !، إن كل ما سيخطر ببال هذا الطالب أنه ناجح وأنه ليس بأقل من ذلك الذي نجح بتفوق يصل إلى 98 %، بينما بالكاد قد عبر هو 50 % بشق النفس.

الجريمة التي ارتكبت في حق هذا الطالب مضاعفة، لقد انتزعت من داخله روح المحاولة والشعور بالفشل نتيجة التقصير وبالتالي تأنيب الضمير، الأمر الآخر هو أنه تم ترسيخ مبدأ المساواة في أعماقه بين المهمل والمتقاعس وعديم الموهبة وبين المجتهد والمثابر والملتزم، وفي النهاية سيظل هذا الطالب يقفز في كل المراحل وفي كل الوظائف بالطريقة نفسها، بل وسيعمل على تفضيل وتقريب أشباهه ليفرغ فيهم عقده وإشكالاته النفسية.

الذين طالبوا المدارس بعدم التشديد على الطلاب والتساهل معهم وعدم معاقبتهم، ماذا جنوا؟ لا يختلفون عن هؤلاء الذين يطالبون بعدم القسوة على الأدباء الشباب، وعدم انتقادهم، فلا زالت تجربتنا في الأدب محدودة وبسيطة إلى أن يأخذهم الحماس ويسقطون في فخ حسن النوايا، لكنهم لا ينتبهون إلى دول بدأت معنا واليوم تتباهى بمنجزها الأدبي الساطع وبكتّاب وصلوا للعالمية بينما كتّابنا ما يزالون يتعثرون أو يحاولون، والبعض يطالب بعدم انتقادهم !!

Email