استفزاز المجتمع ليس حرية!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك تباين يسود بين الناس في الطريقة التي ينظرون بها للمواقف ويحكمون بها على السلوكيات، وهو أمر طبيعي، يعود لاختلاف الأفكار والأجيال وتأثيرات الإعلام وخاصة السوشال ميديا، والخلط غالباً ما يظهر في حماس الناس ودفاعهم واختراع معارك لصالح تصرفات وسلوكيات تتعارض مع أسس المجتمع ومبادئ الدين والأعراف والتقاليد، ما يعني أن هناك من يسعى جاهداً لتعميق الهوة الأخلاقية في المجتمع وجعل القيم مسألة نسبية وقابلة للنقاش!

وبطبيعة الحال فإنه في كل جدل عام يعم المجتمع بسبب حادثة معينة، هناك من يحاولون ركوب الموجة، إذا وجدوا الفرصة سانحة لتحقيق مكسب شخصي، فيصدرون أحكاماً مناقضة لما هو سائد في المجتمع على أساس أن (خالف تعرف) هو مبدأ الشهرة الأول على وسائل التواصل، فيصدرون مقاطع وتغريدات معاكسة للرأي السائد والساخط على التجاوزات، فتراهم يهونون من أمر الخطأ، ويزينونه ويضفون عليه صفات الحق والحرية الشخصية، ويصفون المعترضين بأنهم يقمعون حرية الشباب ويتدخلون فيما لا يعنيهم.

تعلمون أنني أتحدث عن الحفلة الغنائية التي أثارت الجميع، وجعلت الصغير والكبير يدلي بدلوه فيها، ولقد تجاوز الأمر حدود الإمارات إلى الخارج بسبب انتشار مقاطع الحفل عبر مواقع السوشال ميديا، وبرغم علمنا أن هذه النوعية من الشباب موجودة في كل زمان ومكان، إلا أن المبالغات التي حدثت قد استفزت الناس وأساءت لصورة المجتمع ولشباب الإمارات، فالراقصون كانوا يرتدون الزي الإماراتي ويرقصون بشكل أرادوه أن يكون مستفزاً ومقززاً، كما أن تفشي المقاطع بهذا الشكل يبدو مريباً كذلك!

نقول للبعض ممن يدافعون عما حدث، لم يطلب منكم أحد أن تدينوا أو تعلقوا المشانق لأحد، لكن لا تقولوا عن «رجال» يرقصون ويهتزون كالنساء أمام الملأ وبلا حياء إنه أمر عادي وإن الشباب أحرار، فهم لم يرقصوا في غرفهم الخاصة بل أمام الملايين وبشكل مسيء جداً، فحتى لو رقص نصف رجال الكرة الأرضية بهذا الشكل، فالخطأ لن يتحول صواباً بالمجاهرة، أو لأن له معجبين ومتابعين و«فانزات»، الخطأ والصواب يحددهما الدين والعادات والتقاليد ومنطق المصلحة العامة!

Email