‏ نعمة الحياة العادية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمكن أن تصبح أبسط الأشياء في حياة البعض محل غيرة أو حسد من قبل الآخرين، إلى الدرجة التي يتمنون أن يسألوها منهم إن لم يعثروا عليها بطريقة أخرى! دون أن نفهم في معظم الأحيان ما الذي يجعل أشخاصاً يملكون كل شيء إلا أنهم يتمنون امتلاك تلك البساطة الوادعة التي ينعم بها شخص في غاية التواضع لا يملك أي شيء، فيتمنون لو كانوا مكانه فقط ليشعروا بسعادة قلبه!

يسافر البعض حول العالم، وتتوزع حياته بين أجمل المدن وأفخر الفنادق، يصير كشخص يسكن في حقائب السفر والمطارات، يحيطه الجميع بالغيرة وحين يلمح نظرة الحرمان في عيونهم، يتضاعف غروره، لكن تقل سعادته، وحين يفتح حقائبه ليفتش فيها عن نفسه المنطلقة، وروحه الخالصة، وعن شعوره بالبهجة الحقيقية لا يجد أي شيء من تلك النعم المشتهاة؛ فإذا أراد الذهاب للمقاهي العادية والمطاعم العادية والطرقات والأزقة العادية، وصحبة الأشخاص البسطاء العاديين .. وجد أن تلك الأشياء بعيدة المنال!

ويسأل نفسه ما الذي ينقصه؟ لماذا كل هذه الحيرة وهذا التشتت والقلق والأسئلة؟ كيف الوصول إلى الحياة البسيطة المرحة؟ كيف الطريق إلى الرضا والضحكات التي تجلجل في المكان محتشدة من قاع القلب؟ أي طريق يقود إلى هذه الأوقات التي لا تحتاج لكل هذا الاستنفار المادي، ولكل هذه الحقائب والأسفار والفنادق والصور والابتسامات الزجاجية؟

هناك نعمة اسمها نعمة البساطة والروتين، الروتين الذي يعني سيرورة الحياة بشكل عادي ومستقر وبعيد عن الوصفات والحسابات والتعقيدات الجوفاء، هذه واحدة من أجمل الأشياء التي يبحث عنها أولئك الذين يفتقدون أمان الروح وهدوء الصخب في رؤوسهم، الذين لا تطمئن أرواحهم أبداً لأنهم قلقون، خائفون، مهددون، عيونهم ترقب كل شيء، وكأنهم لا يعيشون لأنفسهم، كأنهم يعيشون حياة مستعارة، أو حياة استعاروها صدفة وأوقفوها لأجل الآخرين!

إن فنجان القهوة العادي مع أشخاص تأمن لهم وتوقن أنهم يحبون وجودك معهم يساوي عمراً من الجري بحثاً عن حياة مؤقتة تكتسب أهميتها من إعجاب الآخرين بك!

 

Email