رسائل إلى كتّاب شباب..

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحب أن أقول للكتاب الشباب: اقرأوا ألف صفحة لتكتبوا صفحة واحدة، هكذا يقول شيخ الحكائين المصري العظيم خيري شلبي المولود في القاهرة عام 1938 والمتوفى عام 2011، عاش خلالها حياة حافلة بالأعمال الإبداعية المهمة، ذات الأثر الكبير، مثل: «وكالة عطية»، «زهرة الخشخاش»، «بطن البقرة»، «الأمالي» (ثلاثة أجزاء) «الوتد»، «اسطاسية»، «نسف الأدمغة»، «الأوباش»، «منامات عن أحمد السماك»، «صالح هيصة».. وغيرها كثير جداً.

سمعته في حوار تلفزيوني ينصح الكتاب الشباب الذين يتحركون ويروجون أعمالهم عبر نظام الشلل الثقافية وتكتلات المصالح الأدبية فيقول لهم إن على الكاتب أن يكدح في الحياة قدر ما يستطيع، فالكاتب يجب أن يودع أناقته ولياقته وكسله، وأن يعيش وسط الناس، وينشغل بهموم الحياة ليتمكن من التعبير عنها، لأن الرفاهية هي الآفة المدمرة التي لا بد من أن يبتعد عنها الشباب في بداية حياتهم العملية، لأنها لا تصنع أديباً ولا كاتباً حقيقياً، وإن كانت تساعده لاحقاً على الاستمرار بعد أن يثبت بموهبته أنه كاتب حقيقي.

الكاتب الجيد هو قارئ جيد، وما لم يقرأ الكاتب في الأدب والجيولوجيا وعلم النفس والفلسفة والدين وعلم الجمال والاجتماع فلن ينجح ولن يقنع أحداً بما يكتبه. تقول الروائية العُمانية بشرى خلفان: «عندما تريد أن تكون كاتباً جيداً، عليك أن تقرأ كثيراً، بدءاً من كلاسيكيات الأدب حتى علوم الأرض، وأن تبحث عن المعرفة التي تُخولك فهماً أفضل لنفسك ولشخصياتك المتعددة، وأن تفعل ذلك أولاً وأخيراً أنك تستمتع به».

لا تستعجل النشر، فأولاً عليك أن تمتلك لغة خاصة بك، وثقافة متسعة تتجدد باستمرار، كما عليك أن تمتلك رؤيتك الخاصة وقناعاتك ونظرياتك في الحياة والسياسة والدين والأخلاق، فهذا كله سيحدد طريقك وجهة سيرك. لا يمكنني أن أعتبره كاتباً ذلك الذي لا يقرأ ولا يطلع على معارف وآداب الأمم الأخرى، لم يختبر الحياة ولم يراكم أي تجارب عدا تجارب المدرسة الثانوية، إن الكتابة الأدبية واحدة من أصعب الخيارات وأدوات القوة الناعمة، ولذلك لا يصح الاستهانة بها والتعامل معها بخفة!

Email