لست مؤلفة كتب، ولا روائية، لأجيب إذا ما سئلت عن تفضيلاتي في الكتب: إن جميع الكتب عندي سواء، فهناك كتب رديئة لا أقربها، وكتب أجدني شديدة الإعجاب بها، وأجدها تسكنني، رغم مرور السنوات على قراءتي لها، حتى إنه يمكن أن أعيد قراءتها أحياناً (فرواية 100 عام من العزلة قرأتها 3 مرات بصيغ مختلفة)، وهناك كتب لم أستطع الاستمرار في قراءة أكثر من 20 صفحة فيها، لضعفها، وافتقارها للفكرة النيرة والموضوع المفيد، والترجمة الرصينة، إذا كانت مترجمة.

لذلك، أتعجب عندما يقول لي أحدهم بأن أصدقاءه يلومونه حين يقرر عدم الاستمرار في قراءة كتاب وجده رديئاً، من وجهة نظره، لأنهم يرون أن القراءة فعل التزام، فإذا بدأ بكتاب، وجب عليه إنهاؤه، أياً كان مستوى ذلك الكتاب، تقديراً لجهد الكاتب!

والجواب على هؤلاء يتلخص في: أولاً، القراءة فعل فردي خاص، يهدف إلى البهجة والمعرفة، والبهجة نقيض التبرم والملل المصاحبين لقراءة كتاب رديء، أما المعرفة فستلزم الشغف، والشغف يحتاج للحب، وليس للقهر أو القسر أو الإكراه.

إن آخر الكتب التي أكرهت على قراءتها، كان كتاب (المنظمات الدولية)، في آخر مساق لي في كلية العلوم السياسية، وبعده أنهيت دراستي، وانتهيت من القراءة تحت بند الإكراه، وأما قراءة كتاب رديء تقديراً لجهد المؤلف، فمنطق مقلوب وغير مفهوم، ثم إن كل كتاب، حتى الرديء، سيجد من يقرأه، لكن حتماً ليس ذلك القارئ الذي كره الكتب الرديئة!

ثانياً، القراءة فعل ديمقراطي خالص يعتمد على الذائقة، وتراكم المعرفة والتوجهات الفكرية للقارئ، ولا شيء يجبر أي قارئ على الإعجاب بكاتب ما، وقراءة كتبه، ما لم يقرر هو ذلك. أما النصائح والإرشادات والدعاية والترشيحات، فهذه آليات السوق والتسويق لا أكثر، إنها جيدة ومطلوبة، ولا بد منها، فقد ينتفع بها طلاب المدارس والجامعات والموظفون الذين لم يعرف الكتاب طريقاً إلى أيديهم يوماً، أما القارئ الذي يمتلك في ذاكرته آلاف العناوين من الكتب التي قرأها منذ طفولته، فيعرف الطريق المؤدي للكتاب الجيد.