تغيرت الكتابة أم تغير الكتاب؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

سئل الممثل الكويتي الكوميدي داوود حسين: ما السبب أنك لم تعد تقدم كوميديا التقليد (تلك الفقرات والبرامج والإسكتشات القائمة على تقليد شخصيات مشهورة فنية وسياسية، أو محاكاة ملابس ولهجات شعوب معينة، بطريقة فيها مبالغة تشبه فن الكاريكاتير الصحافي)، فكان جوابه أن سقف الحرية قد انخفض كثيراً، كما أن الناس أصبحوا شديدي الحساسية أكثر مما ينبغي، واللجوء للمحاكم ورفع القضايا ضد الفنان يجعله يتراجع عن ذلك بالتأكيد!

قبل أن أقرأ ما قاله الفنان داوود حسين، الذي يتفق معه البعض فيما يخص طريقته في التقليد، ويرفضها آخرون، سألني صديق سؤالاً مشابهاً ربما: لماذا لا تكتبين عن الشأن المحلي كما كنت في البدايات؟ ولأنني لم أرغب في توسيع دائرة الحديث حول «المحظور والمسموح به بين الأمس واليوم في الكتابة الصحافية»، ورغبة في اختصار للحديث، بدا جوابي متحفظاً وإن لم يجانب الحقيقة.

أجبته: لأنني ككاتبة تغيرت، تغيرت اهتماماتي ومعارفي، ولم أعد تلك الكاتبة التي بدأت تكتب في نهاية عقد التسعينيات، غادرنا منطقة الحماس والاندفاع، وتغيرت المواضيع التي أرغب في أن أكتب فيها، كما تغيرت الظروف كلها في البلد، وتحسنت الأوضاع بشكل كبير، وكان لذلك دوره كذلك، ثم إن الكاتب لن يظل طوال عشرات السنين يكتب في الموضوعات نفسها.

وعندما ألح في طرح السؤال مجدداً، قلت له: لأن شريحة قراء الصحف اليومية تغيرت، بعد أن تغيرت اهتمامات وتوجهات الناس، وزادت حساسية المسؤولين الذين تتناول المقالات أداء مؤسساتهم ودوائرهم بالنقد، بخلاف ما كان سائداً منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث كان عدد كبير من المسؤولين الذين كنا نسلط الضوء على بعض الأخطاء لديهم يتواصلون مع الكاتب أو مع الصحيفة، ويبعثون بردود مفصلة على المسألة محل النقد، وكان بعضهم يرسل بباقة ورد شاكراً، وربما راغباً في عدم تكرار الكتابة عنه!

وبالطبع كان هناك من يغضب ويتحسس، و... فالإنسان دائماً حساس، فرداً عادياً كان أم مسؤولاً، تجاه النقد؛ لأنه يعتبره نيلاً منه ومن نجاحه، بينما يهدف الكاتب إلى محاولة التصحيح، وأن يقوم بواجبه لا أكثر.

Email