في أن تفعل ما تحب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقول دائماً لأصدقائي وعائلتي ولا أمل تكرار ذلك، إن إهمال الإنسان للاهتمامات التي يحبها ويجد متعة في القيام بها يعتبر من أكثر السلوكيات غباء، كما أن النظر لما نحبه ونهواه على أنه مضيعة للوقت طالما ليس له مردود مادي دليل ساطع على ضيق الأفق والتفكير بشكل مادي لا تتأسس الحياة الحقيقية عليه وحده، أما إهمال العائلة وتحديداً الوالدين لهوايات وشغف أطفالهم بأمور في غاية الأهمية والتأثير في الحياة يحملهما مسؤولية خطيرة جداً يستحقان عليها المساءلة وللأسف أنهما سيعرفان آثاره السلبية مستقبلاً.

فأن يظهر طفلك أو طفلتك في عمر مبكر ميلاً واضحاً وشغفاً لا يخفى، وتفوقاً في مجالات أصبح الاهتمام بها من مؤشرات الذكاء العقلي والاجتماعي، كالرياضة والموسيقى والقراءة والرسم والخط والتصميم، وتعلم اللغات والكتابة والسفر، وأعمال الخزف والنحت على الخشب أو الرخام والزراعة، فهذا يستدعي فرحك ومباركتك، علينا أن نكون كتلك القبيلة العربية التي لا تحتفل ولا تبارك إلا إذا ولد لها أبناء ذكور أو برز فيها شاعر.

إن هذه المجالات إذا ما تغلغلت إلى قلب ولدك أو ابنتك وعرفت أنت كيف تحتفي بذلك، وكيف تدير الأمور حولهما بصحبة هذا الشغف، فإنك تكون بهذا قد أهديتهما مصباحاً يعبران به طريقاً اكتشفاه بنفسيهما، هذا الطريق المرصوف بالشغف سوف ينقلهما إلى فضاء رحب يمكن لابنك أن يصنع فيه بصمته، ويصبح العلامة المميزة التي يحلم بها، والأهم أن يكون ما يريد هو لا ما يخططه له الآخرون: العائلة والوالدان والأخوة والمجتمع والأصحاب و…

ففي نهاية الأمر سيكبر هذا الابن وسيغادر الجامعة، وسيعمل في المجال الذي اختاره وربما اخترته أنت له، وقد يصاب بالملل أو قد يصدمه الواقع، أو تكبر أحلامه في اتجاه آخر، وربما لاحت فرص أجمل وأكثر حظاً في مكان مختلف، عندها قد يفكر في تغيير كل شيء والبدء من الصفر، كل هذا سيبدو متاحاً لو أنه كان يمتلك الطريق وذلك المصباح.

Email