كيف تعاش الحياة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

للفيلسوف الفرنسي مونتاني فلسفة خاصة في ما يتعلق بالحياة، وكيفية فهمها وتقبلها وعيشها بطريقة مبهجة، برغم كل العراقيل التي تعترض الإنسان وهو يحاول أن يتأقلم معها بأقل قدر من الأحزان والرفض والبؤس، ضمّن مونتاني أفكاره وأسئلته في كتاب له بعنوان (المقالات)، ولهذا الفيلسوف تأثير واسع النطاق على مجايليه ومن جاؤوا بعده من كبار الكتاب والأدباء والفلاسفة، أمثال شكسبير وجان جاك روسو ونيتشه.

كان ميشيل دي مونتاني فيلسوفاً عميقاً ومؤثراً، عاش في فترة من أهم فترات التاريخ الأوروبي والإنساني معاً، هي فترة النهضة الأوروبية في القرن الرابع عشر، ففي تلك السنوات الحافلة بنهضة الفنون والعلوم، والحافلة بأسماء باهرة في الآداب والسياسة والفلسفة، ظهر ودوّن تأملاته الحرة، وأفكاره وتجاربه بصدق شديد، وعمق إنساني لا مثيل له، طارحاً تلك الأسئلة التي نطرحها جميعاً، ويطرحها الإنسان في كل زمان ومكان، وهذا ما عملت المفكرة والكاتبة البريطانية سارة ماكويل على رصده وكتابته في كتابها الشهير (كيف تعاش الحياة؟)، أو سيرة وحياة مونتاني.

طرح مونتاني أسئلة كثيرة، ومتصلة مع أسئلة الحياة والإنسان حول الحب والفقد، الضعف والفشل وبهجة المعرفة… وغيرها من المفاهيم التي تصوغ في النهاية السؤال الكبير: كيف نعيش، أو سنعيش الحياة، رغم كل ما يعترضنا؟.

كيف نندمج بسهولة وسط مجموعة من الناس لا نعرفهم، وليس بيننا تقاطعات مشتركة؟ كيف تتعامل مع كل هذا العنف والتنمر وعدم النزاهة؟ كيف تتأقلم مع فقدان شخص عزيز ولا نسقط في الاكتئاب والرغبة في الرحيل؟ مثل هذه التساؤلات حاضرة في حياتنا جميعاً، تترجم في نهاية المطاف السؤال الكبير: كيف نعيش الحياة رغم كل شيء؟.

هذه الأسئلة طرحها كثيرون قبل مونتاني، لكنه ربما كان أكثر حكمة وعمقاً وصدقاً، لذلك فإنه اليوم، وبعد ذلك، وبعد أكثر من 430 عاماً، لا يزال الناس منجذبون إلى قراءته، بفعل تأثير ذلك الصدق، والحق أن كل كاتب معني بالكتابة الحقيقية للناس، قديماً أو في أيامنا هذه، عليه أن ينشغل بأسئلة الحياة هذه، ليكون قريباً من عقول وقلوب الناس.

Email