جامعاتنا وإشكالية سوق العمل!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل نتساءل بجدية عن الهدف الذي لأجله يذهب أبناؤنا للمدرسة ويتدرجون فيها من مرحلة لأخرى عبر سنوات ليست قليلة؟ هل نتساءل فعلاً لماذا ندفع بأبنائنا إلى أفضل الجامعات ونحرص على أن يحظوا بتعليم رفيع المستوى؟ هل نفعل كل ذلك لأجل هدف أوحد ووحيد وهو الزج بهم في سوق العمل فقط؟ فماذا عن أبناء الأثرياء والأغنياء الذين ليسوا بحاجة لوظائف سوق العمل؟

سوق العمل والوظيفة هدف مهم بلا شك لقطاع عريض من طلاب العالم، طالما الإنسان بحاجة للعمل وإثبات الذات وتحقيق الطموحات والأهداف والاستقرار الذي يحتاج إلى عمل أو وظيفة ومرتب.. ولكن الأكيد هذا ليس الأمر الوحيد الذي علينا وعلى مؤسسات تعليمنا أن تضعه نصب عينيها، فنحن نخرج طلابنا ليعيشوا الحياة بكل أوجهها ومتطلباتها، والعمل واحد من وجوه الحياة وليس جميعها، ولذلك أستغرب من الإصرار على تعليم اللغة الإنجليزية فقط وكأن هذا الطالب بلا مجتمع بلا أسرة بلا هوية بلا ثقافة بلا دين.. يحتاج منه أن يعرف لغته أولاً ثم لنعلمه ألف لغة ولغة فيما بعد.

وأستغرب من ضحالة المستوى المعرفي لخريجينا (من الثانوية والجامعة) فلا ثقافة ولا قراءة ولا اطلاع حقيقي، بينما تلعب الثقافة والمعارف المختلفة والاطلاع على ثقافات الأمم وحضاراتها، الحصانة الأكيدة للإنسان في هذه الحياة ما يجعله قادراً على فهم ما يدور حوله بوعي ويقظة وعدم انجراف، إضافة لاستعداده لمحاورة ومجادلة الآخرين والدفاع عن نفسه وأفكاره وطرح أسئلته الخاصة على كل شيء بوعي وثقة وقوة.

لذلك نختار لأبنائنا أفضل الجامعات ونتكبد الكثير في سبيل ذلك، قناعة منا بأن هذا هو استثمارنا الدائم لإعدادهم للمستقبل، والمستقبل ليس مجرد وظيفة فقط، نحن مع الجامعات التي تهتم بالتعليم الجيد والتقنيات الحديثة واللغات الأجنبية والطموحات المستقبلية، ولكن شريطة ألا تتجاهل الإنسان في هذا داخل هذا الطالب، الإنسان الذي سيخرج للحياة ليعيش داخل عائلة وأسرة ومجتمع ومنظومة عادات وتقاليد وحقوق إنسانية شاسعة، إذن فسوق العمل ليس البوصلة الوحيدة!

Email