علاقات السوشال ميديا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش الناس في وسائل التواصل الاجتماعي ضمن دائرة متصلة من «العلاقات المتداخلة» تقود كل علاقة لعلاقات أخرى، وحيث ينتج عن علاقتك بفلان كونه أحد متابعيك أو أصدقائك دخولك في علاقات لا تحصى مع متابعي وأصدقاء هذا الفلان أو تلك الفلانة، تماماً كعلاقات القرية أو الحي المغلق، فالجميع يعرفون بعضهم بعضاً، ويحيون بعضهم ويشربون القهوة مع بعضهم البعض دون حرج! وهذا هو الأساس الذي بنيت عليه مواقع التواصل التي بشرت بتحويل العالم إلى قرية صغيرة.

هل هي علاقات حقيقية؟ بالتأكيد ليست كذلك ما لم تخرج من العالم الأثيري المعلق في الفضاء وتتنفس على الأرض مثلنا، لذلك يسعى كثيرون لإخراج بعض من يعرفونهم من غرف الدردشة الإلكترونية وصفحات الفيسبوك والتعرف عليهم على أرض الواقع، خاصة إذا اتسعت العلاقة وتحولت إلى ما هو أكثر من متابعة وصداقة إلكترونية!

معظم قصص الحب الإلكترونية تفشل حتى وإن قادت للزواج، أما الصداقات فقد تقوى وتتوثق إذا كان أطرافها أشخاصاً حقيقيين، من لحم ودم، ولديهم كياناتهم وأسماؤهم وحياتهم، ومع ذلك لا يمكن إلغاء عامل الزمن، وبما أن الزمن عامل رئيسي في معادلة تكوين الحضارة فإننا لا يمكننا إلغاؤه، فالصداقة معادلة إنسانية لا يمكن إغفال الزمن في إنضاجها وتثبيتها. إن كل الصور البراقة، والكلام المصفوف والملون بالحب واللغة الشعرية والشاعرية والخطابية والمثالية التي نتعثر بها في مواقع السوشال ميديا لا تخلق صداقة ولا تصنع صديقاً حقيقياً!

إن الذين يصدقون كلمات الإعجاب والغزل وسيمفونيات التبجيل وقصائد التفخيم على وسائل التواصل، ويعتادونها، ومن ثم تصبح زادهم ومتنفسهم، غالباً ما ينتهي بهم الأمر إما إلى الوقوع في شباك مجموعة من المحتالين واللصوص، أو الوقوع في علاقات خاصة تبتزهم حتى آخر لحظة، والمشكلة أنهم لا يفيقون إلا متأخرين جداً.

نعم لقد أصبح العالم وبفضل ثورة وسائل الاتصال قرية صغيرة بحسب ما بشر به أساتذة الاتصال، لكن حتى في القرية هناك طرقات وأزقة وأشخاص عليك أن تحذرهم، أو لا تقترب منهم حفاظاً على حياتك وسلامتك وأموالك.

Email