هل نحتاج لمن يدربنا على الحياة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذين قرأوا مقال البارحة (هل تحتاج الحياة لمدربين؟) رأوا أنه مقال مخاتل (حتى لا أقول مخادع) وعدهم بوليمة وقدم لهم طبق سلطة صغيراً، والحقيقة، أن الوعد ما يزال قائماً، وأن الإشكال الذي يقع فيه كتاب الأعمدة الصحفية غالباً هو مبارزة التكثيف التي يدخلونها يومياً مع المساحة المخصصة لهم واللغة الشعرية التي يودون اللجوء إليها ليضمنوا قبولاً سلساً لكتاباتهم، لكن لا المساحة تسعفهم ولا اللغة تقدم لهم مخرجاً، فيضطرون لاستكمال فكرتهم في مقال لاحق!

كان لا بد من هذه المقدمة على سبيل التوضيح لا أكثر، أما السؤال فما زال قائماً ويحتاج لإجابة، ونزيد عليه اليوم أسئلة أخرى مثل: لماذا شاعت كتب التنمية الذاتية في الولايات المتحدة ابتداءً ثم انتقلت إلى بلدان الخليج أكثر من أية بلدان أخرى؟

أظن أن الثمانينيات هي السنوات التي شهدت ازدهار هذه الكتب بعد أن ظهر لها أساتذة وكتاب مشهورون في الولايات المتحدة جاؤوا من الجامعات والشركات الكبرى ومعاهد الأبحاث، إنهم علماء سلوك وأصحاب خبرات عملية ونجاحات لافتة تستحق الإنصات.

بدأت كتب التنمية مثل (وكيف تكسب الأصدقاء؟) وكيف تحقق القوة؟ وكيف تصبح غنياً؟ وملايين غيرها، إضافة للمحاضرات وبرامج التلفزة الجماهيرية، تضخ ترياق السعادة وتدل الناس على المخرج عبر هذه الموضوعات، فتهافت الجميع، وخاصة أن الولايات المتحدة كانت منذ منتصف السبعينيات تئن تحت وطأة هزيمتها في فييتنام.

بينما آلاف الأسر التي فقدت أبناءها وثقتها في النظام تعاني الإحباط والوحدة والشعور بالفشل، فوجدوا في تلك الكتب والمواد مخرجاً لاجتياز ذلك التحدي الكبير، كما وجد فيه كثيرون فرصة للثراء والبروز والشهرة ولو بطريقة النصب والاحتيال.

هل نحتاج لمن يعيننا على اجتياز المطبات والأزمات الحياتية؟ نعم نحتاج بلا شك، لأن الإنسان كائن مستطيع بغيره، لكن من هو الشخص المؤهل ليكون مدرباً وقائداً ومعلماً في وقت الأزمات الفردية والمجتمعية؟ هل هم الذين يركبون الموجة ويبتغون قتل فراغهم وتحقيق بعض المآرب؟ أم المؤهلون والدارسون والمتحققون؟ هذا هو مربط الفرس.

Email