تنمر ذوي القربى!

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ عدة أيام نشرت صحيفة محلية خبراً يتناول قصة فتاة هربت من والدتها، رافضة العودة أو الجلوس معها، خلاصة الخبر أن طفلة هربت من بيت أمها بعد التنمّر عليها وضربها، وقد لجأت إلى أبيها، فتدخلت مؤسسة «حماية» لحل الأزمة!

قرأت الخبر بإحساس قد يكون انتاب كثيرات وكثيرين، وهو أننا كمن يقرأ حكاية مقلوبة، فأن يتنمر الآخرون على شخص ما، أو يسخروا منه، أو يطلقوا عليه وصفاً قاسياً، سواء كان ذلك أيام المدرسة، أو حتى بعد أن أصبح موظفاً، بسبب شكله الخارجي الذي لم يعجبهم، أو لقصر قامته، أو لإصابته بالتأتأة مثلاً.. كل ذلك من حكايات التنمر المعروفة التي مرت علينا، ونعرف كيف تنتهي بعد أن تترك ندبة في الروح والنفس!

إذ غالباً ما يسكت الطفل مخفياً ما مر به تحرجاً من الإفصاح، أو قد يسرع إلى حضن والدته ليحظى بالأمان الذي ربما يمحو شيئاً من آثار ذلك التنمر المدمر، أما الكبار فغالباً ما يسكتون أو يلجأون إلى أحبتهم وأصدقائهم، فالمقربون منا وأحبتنا يشكلون دائماً صمام الأمان في حياتنا، ومركز التوازن فيما يخص القبول والمحبة، دون تنمر أو محاولات غبية لإعادة تشكيلنا أو ترميمنا وكأننا مساكن خربة!

أما أن تكون الأم، هي من تتنمر على ابنتها وبشكل متواصل، إلى درجة السخرية من مظهرها وضربها وإطلاق أوصاف قاسية عليها، فهذا يقودنا لنتيجتين: الأولى، إن الصغيرة عاشت بما فيه الكفاية في جوّ مسمم قتل روحها، لدرجة أنها لم تعد تحتمل.

والثانية، إن الأم بحاجة لإعادة تأهيل ومعالجة نفسية، فقناعتنا أن كل رجل وامرأة يتزوجان وينجبان هما بالضرورة شخصان سويان مؤهلان لإدارة أسرة وتربية أطفال بنجاح، تبدو قناعة حمقاء أكثر منها طبيعية، هناك آباء وأمهات تعرضوا في طفولتهم وحياتهم للكثير من التخريب والمواقف الكارثية التي أسهمت في إصابتهم باختلالات نفسية، انعكست فيما بعد على تعاملاتهم مع أبنائهم وشركائهم.

كم تبدو جراح هذه الطفلة عميقة إلى درجة أنها لم تعد تحتمل مجرد النظر إلى وجه أمها!!

 

Email