لدى كل منا ما يناسبه!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت طفلة في المرحلة الابتدائية، يوم انتابتني تلك الرغبة الجامحة لشراء كتاب خاص بي، وعلى ما بدا لاحقاً، فإن تلك الرغبة كانت الوقود اللازم الذي سيبقى معي العمر كله، يوجه خطوي صوب المكتبات ومعارض الكتب أكثر من الأسواق ومحلات البضائع المعتادة، وهو الذي سيجعلني من أولئك الذين أصابتهم «حرفة القراءة» تماماً كأولئك الذين أصابتهم حرفة الأدب، وهو الوقود نفسه الذي كان يعدني لعملي في الكتابة، فالإنسان (ميسر لما خلق له) دون أن يدري!

أتذكر أنني في العام 1999 كنت صحبة رفاق طيبين مملوئين بالشغف وحب الحياة والاستكشاف، نجوب أرياف أوروبا، نعب من أنسامها وهوائها ما الله أعلم بخفاياها وأسرارها وسحرها، وهناك عرفت على وجه الدقة معنى أن يكون للبكاء طعم اللذة وأن يلامس قاع الروح، وكيف يمكن أن تسقط دموعك من فرط هشاشتك أمام الجمال، عندما فتحت نافذة غرفتي في تلك القرية ووجدتني أشهق تلك الشهقة وتسقط من عيني تلك الدموع وأنا أصافح ذلك الجمال الذي ألجم لساني!

جبال مكللة بالثلوج، حقول خضراء تمتد حتى نهاية الأفق، منازل أشبه ببيوت الدمى، فتيات كأنهن خرجن من قصص المكتبة الخضراء، نسيم صباح ندي لم أشعر بجماله يوماً، لحظتها تملكتني تلك الرغبة الملحة لقيادة دراجة هوائية، فما من شيء يمكنه أن يغرس كل هذا الجمال في داخلي إلى الأبد، سوى أن أقود دراجة هوائية بكل حريتي وانطلاقي، وبالفعل استأجرت الدراجة وحاولت قيادتها، لكنها لم تنطلق حتى بضع أذرع رغم محاولاتي الكثيرة، فقد سقطت وتعثرت وبدل أن أستمتع بالجمال تلطخت بالطين وجرحت يداي وكرهت الدراجات!

ليس كل رغبة جديرة بأن تتحقق، وليس كل ما يمكنك الحصول عليه ملائماً لك، وتذكر أيها القارئ الذي فشلت في قيادة دراجة، أنك تجوب العالم كل يوم بطمأنينة وترى من الجمال ما لا تصل إليه كل دراجات العالم عبر كتب، فكر غيرك في الاقتراب منها والاعتياد عليها وفشلوا! هكذا عليك أن تفخر بكتبك كل لحظة!

 

Email