ليس خوفاً لكنه حق!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إن الكاتبة السورية الشهيرة غادة السمان كانت تجلس ذات يوم بصحبة زوجها في أحد مقاهي باريس الشهيرة، وبهدوء تقدمت منها سيدة عربية محجبة ومنفرجة الأسارير، بدا واضحاً أنها تعرفها، حيّت هذه السيدة الأديبة الشهيرة بغبطة واضحة، وسألتها: أنت غادة السمان، هل هذا صحيح؟

نظرت إليها غادة وهزت رأسها مستنكرة ونافية أن تكون غادة السمان، ثم وإمعاناً في النفي عادت لإكمال حديثها مع زوجها، فما كان من السيدة سوى أن أخرجت كتاباً من حقيبتها، قائلة: هذه روايتي، وأنا رجاء الصانع الكاتبة السعودية!

ما قيل فيما بعد هو أن غادة السمان لم تشأ أن تكشف عن شخصيتها في فضاء عام كالذي كانت فيه أمام سيدة غريبة لا تعرفها، خاصة في فترة كان فيها تيار الخوف أو الرعب من الإسلام في أوجه، وعمليات المواجهة والتقاتل بين التيار الإسلامي والآخرين على أشدها، وكانت السمان إلى جانب كتاباتها الشعرية والرومانسية تكتب مقالات في السياسة، ولها رأي في الإرهاب والجماعات التكفيرية.

بلا شك فإن غادة خشيت من أمر الاعتراف بشخصيتها بشكل علني، والخوف هنا ليس جبناً أو تناقضاً مع جرأتها ككاتبة، والسؤال كيف لكاتب أن يخاف لهذه الدرجة؟

لدرجة أن ينكر نفسه في مواجهة سؤال من معجب أو متطفل مثلاً؟ والجواب أن الأمر خارج نطاق الجبن تماماً، إنه تخوف مشروع، لا يتنافى مع الشجاعة الأدبية، ثم إن أي كاتب أو شخصية معروفة يحق له أن يحافظ على خصوصيته في حياته وممارساته وأنشطته الخاصة، وتحديداً في مواجهة شخص غريب لا يعرفه.

الشجاعة هي ثبات القلب في مواجهة الأخطار عند امتلاك الأدوات والوسائل دفاعاً عن النفس والمال والرأي، أما الجرأة والتهور فهو الاندفاع من دون تبصر أو حكمة، ومن دون التفكير في العواقب، أظن أن غادة فكرت في العواقب، واعتقدت أن هناك احتمالاً لوجود خطر بنسبة ما، فاتخذت قرار الإنكار بناءً على ذلك، لا أظن أن ذلك يخدش في شجاعة ومكانة الكاتبة طالما لم تتسبب في ضرر لأي شخص!

Email