نحن والبيئة والرومانسيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك تحديات تفرض نفسها علينا، شئنا أم أبينا، تحديات خلقتها التغيرات الكبيرة والمخاطر التي نواجهها بشكل يومي ومتزايد، في كل المجالات والتفاصيل، مثل تحديات ومشكلات البيئة، والمناخ، والتي جعلت نشطاء البيئة والحكومات والمنظمات العالمية تتحد لسنّ قوانين وتشريعات، وتعقد مؤتمرات واتفاقات عالمية لحماية النباتات والأشجار والحيوانات والموارد الطبيعية والمناخ في مواجهة سياسات الاستنزاف والاستهلاك العشوائي المتمثل في اجتثاث غابات بأكملها من أجل صناعة الورق والأثاث والمباني، وكاستخدام الكيماويات والوقود الضار بالبيئة ما أدى لخلل في غلاف الأوزون يهدد الحياة بأكملها!

صحيح أن كل ما هو متاح على الأرض أو في باطنها موجود لمصلحة وفائدة الإنسان، لكن الاستهلاك الجائر أضر بالحياة كلها بالأرض ومن وما عليها، خلق أزمات ومشاكل لو لم يتم علاجها والتخفيف منها فإن الحياة البشرية متجهة نحو الدمار بفعل جهل وجشع ولامبالاة البشر، لذلك وضعت التشريعات وتغيرت طرق التعاطي مع البيئة.

منذ أكثر من ستين عاماً كتب الفيلسوف الجزائري مالك بن نبي كتابه العظيم (شروط النهضة) الذي وضع فيه معادلته عن تكوّن الحضارات وتطورها وانحدارها في نهاية الأمر، إن الخلاصة التي توصل إليها ابن نبي تقول إن الحضارة مركب مكون من ثلاثة عناصر جوهرية هي: الوقت والإنسان والموارد المتاحة، وإن هذه الموارد تحتاج دائماً إلى إدارة إنسانية حريصة ومتبصرة في طريقة استغلالها وتوظيفها، ما يساعد في دوام واستمرارية النسق الحضاري بشرط أن تكون المصلحة العامة هي الأساس.

عندما يحدثني البعض عن رومانسيات معينة كانت ملازمة لقراءة الكتب مثل (ملمس الكتاب والعلاقة به وحضوره مع القارئ ورائحة الورق … إلخ) أجد أن المصلحة الإنسانية الكبرى في الحفاظ على الأشجار والغابات وتزايد أسعار الورق وشحنه.. تفرض اشتراطاتها على هذه الرومانسيات الرائقة والحلوة، وتجعلها تتراجع للخلف لصالح الكتاب الإلكتروني والصوتي بنسبة معينة وبشكل تدريجي.

علينا أن نعي هذه التحولات ونمتلك اللياقة للتعامل معها بشكل عملي دون عوائق، فكل هذه القوانين والتحولات تصب في صالح الحياة البشرية واستمرار الحضارة الإنسانية على هذا الكوكب المسكين.

 

Email