عند درجة 451 فهرنهايت..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت مؤخراً تقريراً لا أعلم مدى موثوقية معلوماته، حول حرية الصحافة في العالم العربي ودول الخليج، والمعلوم أن صحة هذه الحرية في العالم كله ليست على ما يرام، وهذا ما يجعل الحديث عن الحرية المطلقة في أي إعلام أمراً ليس ممكناً، فهناك الكثير من الاعتبارات والتدخلات التي تنال من هذه الحرية، كالقوانين المحلية والأوضاع الأمنية في العالم والمنطقة، كذلك العلاقات والمصالح، وتأثيرات جماعات الضغط، وأمور أخرى تلعب دورها في المسألة، ولطالما دفع صحفيون وإعلاميون حياتهم ثمناً لسعيهم وراء الأخبار والسبق الصحفي والأسرار غير المسموح بنشرها، هذه مسألة ستظل بين شد وجذب وجدال دائم طالما كان هناك إعلام وإعلاميون وشغف باتجاه الحقيقة!

منذ يومين كنت أبحث عن تاريخ إحدى الروايات العالمية التي تناولت بشكل مباشر وصريح موضوع قمع حرية الناس في القراءة وحيازة الكتب! إنها رواية «فهرنهايت 451» للروائي الأمريكي راي برادبري، تحكي عن قصة نظام قمعي يقوم رجال الإطفاء فيه بمهمة حرق الكتب على درجة 451 فهرنهايت، وهي الدرجة التي يحترق فيها الورق ذاتياً!

الإطفائي «مونتياج» بعد أن يلتقي بجارته القارئة كلاريس ويقبل بقراءة رواية جميلة رشحتها له، يقع في حب التراث الإنساني العريق الذي لم يكن يعلم عنه لولاها، فيتمرد على الأوامر.. إلى بقية الرواية التي لن أكملها لمن يريد أن يستمتع بقراءتها.

نشرت الرواية عام 1953م، وبعد 70 عاماً، تقرر مكتبات الولايات المتحدة حظر هذه الرواية أمام القراء؛ نظراً لابتذال موضوعاتها، كما منعت من تدريسها للطلاب نظراً للشكوى التي تقدم بها عدد من أولياء الأمور الذي وجدوا فيها مختلفات أخلاقية ودينية، كما ورد في تقرير على موقع مكتبات مارشال الأمريكية!

الرواية كانت رداً من الكاتب على الإرهاب الفكري الذي مارسه السياسي جوزيف مكارثي على الكتاب والمثقفين في أمريكا الذين يشتبه في تعاطفهم مع الاتحاد السوفييتي فترة الحرب الباردة، المفارقة أنه على الرغم من أن الرواية تدور حول الحظر والرقابة، إلا أنها خضعت للرقابة والحظر في 13 ديسمبر 2021 في دولة تعتبر الأولى في الحريات!!

Email