أفلام الجوع.. الجوع إلى ماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ضمن سلسلة أفلام الجوع في السينما العالمية أنتجت أمريكا فيلماً في العام 2022 بعنوان «قائمة الطعام»، الذي ينتمي لفئة الكوميديا السوداء، وفي العام التالي مباشرة قدمت السينما التايلندية فيلماً آخر في السياق ذاته بعنوان «الجوع» وقبلهما أنتجت السينما فيلماً شديد السوداوية بعنوان «المنصة»!

كل هذه الافلام استخدمت فكرة الجوع والطعام كفلسفة أو كإطار طرحت من خلاله العديد من إشكالات الإنسان وصراعات النفس البشرية في علاقتها مع فكرة الإشباع والاكتفاء والتحقق والسعي الدائم نحو الأشياء المفتقدة، فالإنسان بعد أن يحقق كفايته ويسد حاجته للطعام بحسب (سلم ماسلو للحاجات) يسعى لتحقيق احتياجات جديدة بحسب قدراته المادية، فبينما يسعى الفقراء خلف تأمين الضروريات، يسعى الأثرياء لما هو أبعد بكثير، كالنفوذ والشهرة والمناصب و.. وبين هؤلاء وأولئك تثور صراعات الجوع وحروب التنافسات المختلفة فالكل يسعى لما عند الآخر!

تعبر هذه الأفلام الأخيرة عن أفكار وتحديات وأسئلة وجودية وفلسفية ملحة في مدن الحداثة اليوم، حيث تمتاز العلاقات وبيئات العمل بأقصى درجات التنافسية والتعقيد، بحيث صار البحث عن التميز والاختلاف للفوز بأكبر قدر من الإعجاب والنجاح والتفوق وتحقيق المكاسب المادية، هذا ما ظهر جلياً في فيلم «الجوع» الذي اضطرت فيه فتاة فقيرة خرجت من أحد أفقر أحياء بانكوك ميممة وجهها صوب أحد أشهر وأعظم الطهاة في المدينة، لتتعلم على يديه حرفة وفن الطهي وتقديم الطعام، وحينما نجحت وتميزت، بل وتفوقت عليه، شعرت بأن هناك أشياء أهم من جوع الشهرة لا يمكنها أن تتوافر في أوساط الأثرياء والمترفين والمشهورين!

حين عادت الطاهية الصغيرة الفقيرة المتميزة الى حيها الفقير، اكتفت بمطعمها المتواضع ووصفات جدتها، لأن جوعاً آخر ظهر أمامها هناك في مطابخ وحفلات الأغنياء هو الجوع لاعتراف أولئك الأثرياء بتميزها، وهو ما لم يحصل حيث ظلوا ينظرون لها باعتبارها الفتاة الفقيرة التي ليس عليها سوى ان تطهو لهم وترضيهم.

الجوع واحد من الموضوعات الجديرة بالدراسة، والسينما قدمت هذا الموضوع بكثير من العمق الفلسفي وفق سياقات وحكايات وأفلام أثارت الإعجاب وحققت نجاحات كبيرة.

Email