السينما.. صناعة الأفكار وقولبة السلوك

ت + ت - الحجم الطبيعي

شواهد كثيرة تقول إن هوليوود هي مختبر عالمي خطير، يتم فيه تطبيق تجارب نفسية وسلوكية وأخلاقية على الجماهير، عبر كمية ضخمة من الأفلام المصنوعة من أجل التأثير والتغلغل في ذهنياتهم ونفسياتهم، ومن ثم يتم قياس النتائج وتحليلها لأغراض مختلفة.

لذلك لم يكن غريباً أن تلجأ هوليوود لنظريات علم النفس وتحديداً نظريات فرويد وأفكار منظري الاتجاه المكارثي فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، وأفكار الحداثة وتعديل السلوك والضبط الاجتماعي، عند كتابة السيناريوهات وتصوير الأفلام، صحيح أن السينما وسيلة ترفيه وثقافة، ولكنها في الوقت نفسه تحولت إلى قوة ناعمة لصناعة الأفكار وقولبة السلوك الجماهيري العام، وتمهيد العقول لقبول الكثير من الأحداث الخطيرة!

فيلم «كونتيجن» الذي أنتجته السينما الأمريكية عام 2011، كان نسخة طبق الأصل عن السيناريو المرعب الذي عاشته البشرية عام 2020 إثر تفشي فيروس كورونا. أما تفجيرات نيويورك وانهيار برجي التجارة عام 2001، فبدا لي كأنه محاكاة واقعية لتلك التفجيرات والانهيارات في فيلم (يوم الاستقلال الذي أنتج عام 1996) وهناك الكثير من الأمثلة!

وبالعودة لفكرة الجوع والغذاء، ففي عام 2012 أنتجت هوليوود فيلم خيال علمي باسم مباريات الجوع، مأخوذاً من سلسلة روايات للكاتبة سوزان كولنز، وبرغم كونه فيلماً مملاً إلا أنه حقق نجاحاً ساحقاً بفضل آلة الدعاية الأمريكية، ولأنه كان موجهاً لفئة المراهقين، فقد حظي بنسب مشاهدة فلكية، وفاز بجوائز تجاوزت الـ50 جائزة، وبلغت إيراداته 694 مليون دولار!

تقوم فكرة الفيلم على وجود دولة بانيم، التي نشأت بعد دمار أمريكا الشمالية في نهاية العالم، وهي تتكون من المدينة الثرية الكابيتول، و12 مقاطعة أخرى فقيرة تقع تحت سيطرة الكابيتول، وكعقاب للمقاطعات على محاولة سابقة للانقلاب ضد الكابيتول، يتم اختيار فتى وفتاة من كل مقاطعة عن طريق قرعة سنوية (في موسم الحصاد) للاشتراك في مباريات الجوع، التي يتقاتل المشاركون فيها في مكان مفتوح تتحكم به الكابيتول حتى يتبقى متسابق واحد على قيد الحياة!

فهل تبدو لكم الفكرة بريئة؟

Email