أشخاص سامون في حياتنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحلو للبعض أن لا يرى في الحياة سوى جانبها السيئ، وكأنه ينظر من خلال نظارة سوداء، أو كأنه يرى بعين واحدة، والعين الواحدة لا يمكنها أن ترى المشهد كاملاً، وكل مشهد في الحياة فيه ما فيه، فلا وجود لشيء كامل أو مثالي أبداً أو جميل بالمطلق، فالجمال المطلق أحياناً يمكنه أن يتحول إلى عبء أو ثقل.

لذلك فمن الأجمل والأبسط أن نقبل الحياة بسلبياتها وإيجابياتها دون أن نسعى ذلك السعي المرهق الذي يتعبنا ويرهق غيرنا لجعلها مثالية أكثر مما يحتمله الواقع، نحن أنفسنا بشر عاديون، ليس فينا من المثالية شيء، فلماذا يصر البعض على تنغيص الحياة بمطالبتها أن تكون مثالية؟!

نحن محاطون دائماً بأشخاص كهؤلاء للأسف، يسميهم البعض سلبيين، والبعض يطلق عليهم أشخاصاً سامين، أو نكديين، والنكدي أو السلبي هو من يعيش مأزقاً مع نفسه، فلا يشعر بالجمال في أي شيء، وإذا طلب رأيه في أمر وقعت عينه أولاً على السلبيات، وإذا أعطى رأيه في إنسان بحث عن أتفه تفصيلة سلبية وتحدث عنها وأسهب، متناسياً إيجابيات وفضائل هذا الإنسان، وكأنه لا يرى نفسه، ولا يعترف بعيوبه ونواقصه، هذا الشخص يعيش الحياة متبرماً على الدوام، بلا أصدقاء حميمين غالباً، لأنه شخص لا يحتمل ثقله.

يظل هذا الإنسان يفقد من حوله واحداً في إثر الآخر، حتى أهله ينفضون من حوله أو يتجنبونه قدر إمكانهم، وإلا فإنه كفيل بتسميم مزاجهم وحياتهم بأقل ملاحظة يبديها، هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون قد تعرضوا في حياتهم لتربية شديدة القسوة، أو عانوا من تنمر شديد وقاسٍ في طفولتهم لعيوب معينة فيهم، أو تعرضوا لمعاملة والديْن شرسة وظالمة، لم يكن بإمكانه دفعها أو الخلاص منها، والسؤال: كيف نتصرف مع هؤلاء؟ إن لم نستطع أن نعالجهم أو نخلصهم مما بهم فلا بد من الابتعاد عنهم قدر المستطاع، وإلا فالعلاقات السامة مع أمثال هؤلاء لن تقود إلا إلى نفق مظلم.

Email