الفن الذي يغير الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد العبارة التي نسمعها منذ سنين طويلة عن أن مهمة الفن أن ينقل الواقع كما هو إلى المشاهدين عبر وسائل المشاهدة الجماهيرية (التلفزيون والسينما..) عبارة مرضية أو كافية، فبقدر ما يؤدي هذا النقل إلى زيادة مساحة الوعي والمعرفة بالواقع وتحدياته ومشكلاته، إلا ان ذلك لا بد أن يستتبع بحلول ومخارج، وبحركة تغيير حقيقية في آليات التفكير وبرامج التنمية والتغيير الاجتماعي.

ولكي يكون لدينا دراما تصل إلى مستوى التأثير في الواقع وليس نقله فقط، والمساهمة في تغيير السلبيات والأخطاء والتجاوزات عوض نقلها وعرضها للجمهور، فلا بد أن نحسن اختيار الموضوعات وأن نتقن فن الكتابة والسيناريو وأن نتصدى للإنتاج باحترافية عالية، إن أحد مهام الإنتاج هي اختيار الطاقم الفني الذي سينفذ العمل: المخرج ومساعديه والطاقم الفني وطبعا الممثلين، فالعمل المؤثر والناجح جماهيرياً وفنياً لا يكون كذلك إلا إذا تضافرت له كل هذه العوامل!

سألت مراراً: لماذا نتصدى لتقديم مسلسلات وبرامج فنية وأفلام وغيرها سواء في رمضان أو في غير رمضان؟ أن نفعل ذلك من باب الترفيه والتسلية فذلك أحد أهداف التلفزيون والسينما، لكن هناك عوامل كثيرة وأكثر أهمية وخطورة من الترفيه، وإلا لما اعتبرت الفنون أدوات دبلوماسية ناعمة، وكذلك داعمة، نعم داعمة لدور المجتمع والدولة في التغيير والتنمية الفكرية والثقافية، وفي تغيير القوانين كذلك!

لقد غير فيلم السيدة فاتن حمامة (أريد حلاً) قانون الأحوال الشخصية في مصر، وسيغير مسلسل منى زكي (تحت الوصاية) نظام الوصاية على الأبناء بعد وفاة الوالد، وهكذا فان الأعمال التي يتم شغلها باحترافية شديدة وتقدم بأدوات عالية الجودة من ممثلين ومخرجين وكتَّاب، كماً وتحمل مضامين ذات امتدادات اجتماعية وإنسانية لا بد وأن تصل إلى من يهمه الأمر وتتحول إلى واحدة من أدوات التأثير والتغيير.

لذلك نكرر الدراما ليست صراخاً وضحكاً ومجموعة ممثلين يتحركون بدون هدف في فضاء هلامي، نحن لا نريد مزيداً من هذه الحماقات التي تنتجها شركات إنتاج تجارية فاشلة.

Email