لماذا تقدم الدراما؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

العبرة من وراء طرح الأسئلة على الدراما الخليجية، والتي تهمنا كجمهور ونقاد، تتلخص في وعينا بضرورة المساءلة أولاً، وبدوافع الأسئلة ثانياً، فالناقد حين ينتقد، لا يعادي ولا يجمّل ولا يحارب نجاحاً أو منجز أحد، ولكنه يطمح للأفضل، لذلك يحاول أن يكون متجرداً وأن يحتكم في نقده إلى قاعدة: الموضوعية، وهي قاعدة تحتاج لأن ندرب أنفسنا عليها ونتعلمها جيداً لنتقبلها ونستفيد منها.

تفرض الموضوعية طرح سؤالين على صناع الدراما: هل الدراما التي تتخذ من رمضان توقيتاً أمثل لإطلاقها مصنوعة بشكل احترافي فعلاً، أي وفق أسس الفن الحقيقي من حيث الصناعة والأفكار والأهداف؟ أم أن ما يعرض علينا ليس سوى أعمال تم صنعها بشكل متسرع لأسباب التسابق، فظهرت في النهاية بصورة بعيدة عن الاحترافية ومعايير الفن الدرامي الحقيقي؟ أي مجرد تكرار لثيمات معروفة، عولجت وعرضت في أعمال درامية كثيرة سابقة، إلى جانب حشو العمل بالكثير من الصراخ والضحك والافيهات (غير المستساغة) ومواقف المفارقات غير المدروسة لابتزاز ضحكات المشاهدين!

السؤال الثاني حول القيم والاتجاهات التي تهدف هذه الأعمال أن تزرعها في المشاهد أو تسعى لتغييرها أو تثبيتها فيه؟ وهو سؤال متعلق بأخلاقية الفن، فنحن نفترض أننا نقدم فناً ذا غاية أو رسالة (حتى لو كان للترفيه أو الضحك)، فالفن لديه التزام أخلاقي ودور تغييري كبير، لذلك فهو قوة تأثيرية ناعمة تستفيد منها الدول والمنظمات.

يؤمن الفن بقيم الحرية والخير والعدل والمساواة، وقد سعى كثيراً لتغيير أفكار المجتمع تجاه تعليم المرأة، مثلاً، وعملها، وحقوق الطفل ومناهضة العنصرية والكراهية و… وهو يقدم أفكاره هذه عبر حكايات ومسرحيات تصل للناس وتقنعهم، (على سبيل المثال عندما عرضت مسرحية بيت الدمية لهنريك ابسن في أوروبا، وناقشت بشكل حاسم الموقف تجاه أعراف الزواج في القرن التاسع عشر، أثارت جدلاً واسعاً في ذلك الوقت وغيّرت الكثير من الأفكار)!

هذا يعني أن المسلسلات ليست مجرد مواقف وضحك وصراخ واستعراض حياة الرفاهية، هناك هدف بحثت في الكثير من المسلسلات الخليجية فلم أجده إلا في أعمال تُعد على أصابع اليد الواحدة!

Email